573هو نسك من المناسك أي عبادة خاصة كالطواف و السعي و غيرهما من المناسك الواجبة بالأصالة أم وقع جبرانا للإحرام حيث لم يقع من أحد المواقيت السّتة الخارجة من مكّة فالمشهور بين أصحابنا الأول بل ادعى الشيخ في الخلاف الإجماع عليه و استدل عليه بقوله تعالى وَ اَلْبُدْنَ جَعَلْنٰاهٰا لَكُمْ مِنْ شَعٰائِرِ اَللّٰهِ إلى قوله فَكُلُوا مِنْهٰا و الاستدلال بالآية من وجهين أحدهما جعلها من الشعائر أي من العبادات التي يعبد اللّٰه تعالى فيكون عبادة و الثاني الأمر بالأكل منها و لو كانت جبرا لما جاز ذلك كما لا يجوز الأكل من كفارات الصّيد التي وجبت جبرا للإحرام مما وقع فيه من النقص و اعلم أن الإحرام للعمرة التمتع بها يجب أن يكون من المواقيت السّتة اختيارا لا أعلم فيه خلافا و في بعض الروايات دلالة بحسب الظاهر على أن المجاور بمكة إذا دخلها بعمرة في غير أشهر الحج ثم أراد أن يحرم فليخرج إلى الجعرانة لكنه غير نقي السّند
و شرط القارن و المفرد
النية
و تحقيقه كما سبق في نية التمتع
و وقوعه في أشهر الحج
لا أعلم فيه خلافا بين الأصحاب و قال المحقق في المعتبر إن عليه اتفاق العلماء و يدل عليه قوله تعالى اَلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومٰاتٌ أي وقت الحج أو أشهر الحج
و عقد إحرامه من الميقات أو منزله إن كان أقرب
لا أعلم في ذلك خلافا بين الأصحاب و ذكر المحقق في المعتبر أن المعتبر القرب إلى عرفات و المذكور في الأخبار خلافه كما سيجيء و على الوجهين فأهل مكة يحرمون من منزلهم على المعروف من مذهب الأصحاب و ظاهر المصنف في التذكرة دعوى الإجماع على ذلك حيث قال أهل مكّة يحرمون للحج من مكّة و للعمرة من أدنى الحل سواء كان مقيما بمكة أو غير مقيم لأن كل من آت على ميقات كان ميقاتا له و لا نعلم في ذلك خلافا و سيجيء لهذا المقام زيادة تحقيق إن شاء اللّٰه تعالى
النظر الثّالث في الأفعال
و فيه مقاصد
[المقصد] الأوّل في الإحرام
و مطالبه أربعة
[المطلب] الأوّل في المواقيت
جمع ميقات و قال الجوهري الميقات الوقت المضروب للفعل و للوضع يقال هذا ميقات أهل الشام للموضع الذي يحرمون منه و قال في القاموس الوقت المقدار من الدهر و أكثر ما يستعمل في الماضي كالميقات و ميقات الحاج مواضع إحرامهم
و يجب الإحرام منها
أي من الميقات
على كل من دخل مكّة
لا أعلم خلافا بين الأصحاب في أنه لا يجوز دخول مكّة إلا محرما ما عدا ما استثني و الأصل ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح و ابن بابويه عنه في الصحيح عندي قال سألت أبا جعفر ع هل يدخل الرجل مكة بغير إحرام قال لا إلا أن يكون مريضا أو به بطن و عن عاصم بن حميد في الصحيح قال قلت لأبي عبد اللّٰه ع أ يدخل أحد الحرم إلا محرما قال لا إلا مريض أو مبطون و روى ابن بابويه عن علي بن أبي حمزة قال سألت أبا إبراهيم ع عن رجل يدخل مكة في السنة المرة و المرتين و الثلاث كيف يصنع فقال إذا دخل فليدخل ملبيا و إذا خرج فليخرج محلا و مقتضى الخبرين الأولين سقوط الإحرام عن المريض و به قطع الشيخ و المحقق في بعض كتبه و استحب الشيخ في التهذيب الإحرام للمريض استنادا إلى ما رواه عن رفاعة بن موسى في الصحيح قال سألت أبا عبد اللّٰه ع عن رجل به بطن و وجع شديد يدخل مكة حلالا قال لا يدخلها إلا محرما و قال يحرم عنه إن الحطابين و المجتلبة أتوا النبي ص فسألوه فأذن لهم أن يدخلوها حلالا و روى الكليني عن رفاعة بن سماعة في الضعيف عن أبي عبد اللّٰه ع قال سألت عن الرجل عرض له المرض الشديد قبل أن يدخل مكّة قال لا يدخلها إلا بإحرام و يجب أن ينوي الداخل بإحرامه الحج و العمرة لأن الإحرام ليس عبادة مستقلة بنفسها و عليه إكمال النسك الذي تلبس به ليتحلل من الإحرام و إنما يجب الإحرام لدخول مكّة إذا كان الدخول إليها من خارج الحرم لا مطلقا و استثني الشيخ و من تبعه عن هذا الحكم العبد و استدل عليه بأن السّيد لم يأذن له في التشاغل بالنسك عن خدمته فإذا لم يجب عليه حجة الإسلام بهذا فعدم وجوب الإحرام أولى و يجب أن يكون الإحرام من الميقات و لا يجوز التقديم عليه إلا ما استثني لا أعرف في ذلك خلافا بين الأصحاب و إجماعهم عليه منقول في كلامهم و يدل عليه ما رواه الكليني و الشيخ عنه بإسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم عن معاوية بن عمار الثقة عن أبي عبد اللّٰه ع قال من تمام الحج و العمرة أن يحرم من المواقيت التي وقتها رسول اللّٰه ص لا تجاوز إلا و أنت محرم فإنه وقت لأهل العراق و لم يكن يومئذ عراق بطن العقيق من قبل بل العراق و وقت لأهل اليمن يلملم و وقت لأهل الطائف قرن المنازل و وقت لأهل المغرب الجحفة و هي مهيعة و وقت لأهل المدينة ذو الحليفة و من كان منزله خلف هذه المواقيت مما يلي مكة فوقته منزله و عن الفضيل بن يسار في الصحيح قال سمعت أبا عبد اللّٰه ع عن رجل اشترى البدنة قبل أن ينتهي إلى الوقت الذي يحرم منه فأشعرها و قلدها أ يجب عليه حين فعل ذلك ما يجب على المحرم قال لا و لكن إذا انتهى إلى الوقت فليحرم ثم ليشعرها و ليقلدها فإن تقليد الأول ليس بشيء و عن زرارة عن أبي جعفر ع قال الحج أشهر معلومات شوال و ذو القعدة و ذو الحجة و ليس لأحد أن يحرم بالحج في سواهن و ليس لأحد أن يحرم قبل الوقت الذي وقته رسول اللّٰه ص و إنما مثل ذلك مثل من صلى في السّفر أربعا و ترك الثنتين و روى الشيخ و ابن بابويه عن ميسر قال قلت لأبي عبد اللّٰه ع رجل أحرم من العقيق و آخر من الكوفة أيهما أفضل قال يا ميسر أ تصلي الظهر أربعا أفضل أم تصليها ستا فقلت أصليها أربعا أفضل من غيرها و عن ابن أذينة قال قال أبو عبد اللّٰه ع قال من أحرم بالحج في أشهر الحج فلا حج له و من أحرم دون الميقات فلا إحرام له و رواه الكليني عن ابن أذينة في الحسن بإبراهيم ابن هاشم و روى الشيخ عن حنان بن سدير في الموثق قال كنت أنا و أبي و أبو حمزة الثمالي و عبد الرحيم القصير و زياد الأحلام فدخلنا على أبي جعفر ع فرأى زيادا قد تسلخ جلده فقال له من أين أحرمت فقال من الكوفة قال و لم أحرمت من الكوفة فقال بلغني عن بعضكم أنه قال ما بعد من الإحرام فهو أعظم للأجر فقال ما بلغك هذا إلا كذاب ثم قال لأبي حمزة من أين أحرمت فقال من الربذة فقال له و لم لأنك سمعت أن قبر أبي ذر بها فأحببت أن لا تجوزه ثم قال لأبي و لعبد الرحيم من أين أحرمتما فقالا من العقيق فقال أصبتما الرّخصة و اتبعتما السنة و لا يعرض لي بابان كلاهما حلال إلا أخذت باليسير و ذلك أن اللّٰه يسير يحب اليسير و يعطي على اليسير ما لا يعطي على العنف و في دلالة هذا الخبر على الوجوب تأمّل عن ابن محبوب في الصحيح عن إبراهيم الكرخي قال سألت أبا عبد اللّٰه ع عن رجل أحرم في غير أشهر الحج أو من دون الميقات الذي وقته رسول اللّٰه ص قال ليس إحرامه بشيء فإن أحب أن يرجع إلى أهله فليرجع فإني لا أرى عليه شيئا و إن أحب أن يمضي فليمض فإذا انتهى إلى وقت فليحرم و ليجعلها عمرة فإن ذلك أفضل من رجوعه لأنه قد أعلن الإحرام و رواه الكليني بتفاوت في المتن في مواضع و عن ميسرة قال دخلت على أبي عبد اللّٰه ع و أنا متغير اللون فقال لي من أين أحرمت فقلت من موضع كذا و كذا فقال رب طالب خير نزل قدمه ثم قال ترك إن صليت في الظهر السفر أربعا قلت لا قال فهو و اللّٰه ذاك و وجوب الإحرام ثابت على كل من دخل مكّة
إلا من دخلها بعد الإحرام قبل شهر
لا أعلم خلافا بين الأصحاب في أصل الحكم و لكن اختلفوا في مبدإ اعتبار الشهر فذهب جماعة من الأصحاب إلى أن مبدأه من وقت الإحلال من الإحرام المتقدم و استشكل المصنف في القواعد اعتباره من حين الإحلال أو الإحرام و قال المحقق في النافع و لو خرج بعد إحرامه ثم عاد في شهر خروجه أجزأه و إن عاد في غيره أحرم ثانيا و قريب منه عبارة المفيد في المقنعة و الشيخ في النهاية و الأخبار في هذا الباب مختلفة فروى الشيخ عن حماد بن عيسى في الحسن عن أبي عبد اللّٰه ع في المتمتع قال قلت فإن جهل فخرج إلى المدينة أو نحوها بغير إحرام ثم رجع في إبان الحج في أشهر الحج يريد الحج أ يدخلها محرما أو بغير إحرام فقال إن يرجع في شهره دخل بغير إحرام و إن دخل في غير الشهر دخل محرما و روى الشيخ و الكليني عن إسحاق بن عمار في الموثق قال سألت أبا الحسن ع عن المتمتع يجيء فيقضي متعة ثم يبدو له الحاجة فيخرج إلى المدينة أو إلى ذات عرق أو إلى بعض المنازل قال يرجع إلى مكة بعمرة إن كان في غير الشهر الذي يتمتع فيه لأن لكل شهر عمرة و هو مرتهن بالحج قلت فإنه دخل في الشهر الذي خرج فيه قال كان أبي مجاورا هاهنا فخرج يتلقى بعض هؤلاء فلما رجع فبلغ ذات عرق بالحج و دخل و هو محرم بالحج و روى الشيخ عن حفص بن البختري و أبان بن عثمان عن رجل عن أبي عبد اللّٰه ع في الرجل يخرج في الحاجة من الحرم قال إن رجع في الشهر الذي خرج فيه دخل بغير إحرام و إن دخل في غيره دخل بإحرام و روى ابن بابويه عن الصادق ع أنه قال إذا أراد المتمتع الخروج من مكة إلى بعض المواضع فليس له ذلك لأنه مرتبط بالحج حتى يقضيه إلا أن يعلم أنه لا يفوته الحج و إذا علم و رجع ثم عاد و خرج في الشهر الذي خرج فيه دخل مكة محلا و إن دخلها في غير ذلك الشهر دخلها محرما و روى الشيخ عن جميل بن دراج في الصحيح عن أبي عبد اللّٰه ع في الرجل يخرج إلى جدة في الحاجة فقال يدخل مكة بغير إحرام و حملها الشيخ على من خرج من مكة و عاد في الشهر الذي خرج فيه و هو غير بعيد و المسألة محل إشكال
و المتكرر
كالخطاب و الحشاش و المجتلبة كناقل الحنطة و الشعير و غير ذلك و الأصل فيه ما