557الحج و إن تحلل و لا أعرف خلافا في ذلك بين الأصحاب و نقل بعضهم الإجماع عليه و استدل عليه بأن العبادات أمور توقيفية متوقفة على النقل و لم يرد بذلك نقل و بقوله تعالى وَ أَتِمُّوا اَلْحَجَّ وَ اَلْعُمْرَةَ لِلّٰهِ و مع الإدخال لا يتحقق الإتمام و فيه تأمّل و بما رواه المشايخ الثلاثة عن عبد اللّٰه بن سنان في الصحيح عن أبي عبد اللّٰه ع أنه سئل عن رجل متمتع نسي أن يقصر حتى أحرم بالحج قال يستغفر اللّٰه و ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمار في الصحيح و الكليني عنه في الحسن عن أبي عبد اللّٰه ع قال سألته عن الرجل أهل بالعمرة و نسي أن يقصر حتى دخل الحجّ قال يستغفر اللّٰه و لا شيء عليه و تمت عمرته و في موثقة إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم ع عليه دم يهريقه
و لا بنية حجتين و لا عمرتين
و قال الشيخ في الخلاف من أهل بحجتين انعقد إحرامه بواحدة منهما و كان وجود الأخرى و عدمها سواء و لا يتعلق بها حكم فلا يجب قضاؤها و لا الفدية و هكذا من أهل بعمرتين و ذهب أبو حنيفة إلى وجوب قضاء إحداهما قال بعض الأصحاب إن كان المراد بنية الحجتين و العمرتين الإتيان بالحجة الثانية أو العمرة بعد التحلل من الأولى اتجه ما ذكره الشيخ لأن الأولى وقعت بنيتها صحيحة و صحة نية الإتيان بالثانية بعد التحلل من الأولى لا يقتضي الفساد فإن كان المراد به الإتيان بالثانية قبل التحلل من الأولى و احتساب الفعل الواحد عنهما فلا ريب في فساده و لا يخفى في فساد النية في الصورة الثانية لكن في كون ذلك مؤثرا في بطلان الحج مطلقا تأمّل
النظر الثّاني في الشرائط
يشترط في حجة الإسلام
التكليف
لا أعرف خلافا في اشتراط كمال العقل في حجة الإسلام و في المعتبر أنه قول العلماء كافة و في المنتهى أنه قول فقهاء الأمصار و يدل على ذلك مضافا إلى عدم توجه الخطاب إلى غير المكلف قوله ع رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ و عن المجنون حتى يفيق
و الحرية
فلا يجب الحج على المملوك و إن أذن له مولاه لا أعرف في ذلك خلافا و في المعتبر أن عليه إجماع العلماء و يدل عليه ما رواه الكليني و الشيخ عنه عن الفضل بن يونس في الموثق عن أبي الحسن ع قال ليس على المملوك حج و لا عمرة حتى يعتق و عن آدم بن علي و هو مجهول عن أبي الحسن ع قال ليس على المملوك حج و لا جهاد و لا يسافر إلا بإذن مالكه و روى الصدوق عن الفضل بن يونس قال سألت أبا الحسن ع فقلت يكون عندي الجواري و أنا بمكّة فآمرهن أن يعقدن بالحج يوم التروية و أخرج بهنّ فليشهدن المناسك أو أخلفهن بمكة قال فقال إن خرجت بهن فهو أفضل و إن خلفتهنّ عند ثقة فلا بأس فليس على المملوك حج و لا عمرة حتى يعتق
و الاستطاعة و هي الزاد و الراحلة و مئونة عياله
لا أعرف خلافا في اشتراط الاستطاعة في الحج و تدل عليه الآية و الأخبار و قد اختلف في تفسيرها ففي المنتهى اتفق علماؤنا على أن الزاد و الراحلة شرطان في الوجوب فمن فقدهما أو أحدهما مع بعد مسافته لا يجب عليه الحج و إن تمكن من المشي و نسبه إلى طائفة من العامة و عن بعض العامة إن كان يمكنه المشي و عادته سؤال الناس لزمه الحج و يدل على ما ذهب إليه الأصحاب ما رواه الكليني و الشيخ عنه عن محمد بن يحيى الخثعمي في الحسن بإبراهيم قال سأل حفص الكناسي أبا عبد اللّٰه ع و أنا عنده عن قول اللّٰه عز و جل وَ لِلّٰهِ عَلَى اَلنّٰاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ مَنِ اِسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ما يعني بذلك قال من كان صحيحا في بدنه مخلا في سربه له زاد و راحلة فهو ممن يستطيع الحج أو قال ممن كان له مال فقال له حفص الكناسي فإذا كان صحيحا في بدنه مخلا في سربه له زاد و راحلة فلم يحج فهو ممن يستطيع الحج قال نعم و ما رواه الكليني عن السّكوني عن أبي عبد اللّٰه ع قال سأله رجل عن أهل القدر فقال يا بن رسول اللّٰه ص أخبرني عن قول اللّٰه عز و جل وَ لِلّٰهِ عَلَى اَلنّٰاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ مَنِ اِسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً أ ليس قد جعل اللّٰه لهم الاستطاعة فقال ويحك إنما يعني بالاستطاعة الزاد و الراحلة ليس استطاعة البدن الحديث و بإزائهما روايات تدل على عدم اعتبار الراحلة في حق المتمكن من المشي مثل ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمار في الصحيح قال سألت أبا عبد اللّٰه ع عن رجل عليه دين أ عليه أن يحج قال نعم إن حجة الإسلام واجبة على من أطاق المشي من المسلمين و لقد كان من حج مع النبي ص مشاة و لقد مر رسول اللّٰه ص بكراع الغميم فشكوا إليه الجهد و العناء فقال شدوا أزركم و استبطئوا ففعلوا ذلك فذهب عنهم و عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد اللّٰه ع في قول اللّٰه عز و جل وَ لِلّٰهِ عَلَى اَلنّٰاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ مَنِ اِسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً قال يخرج و يمشي إن لم يكن عنده قلت لا تقدر على المشي فقال يمشي و يركب قلت لا يقدر على ذلك أعني المشي قال يخدم القوم و يخرج معهم و عن محمد بن مسلم في الصحيح قال قلت لأبي عبد اللّٰه ع قوله تعالى وَ لِلّٰهِ عَلَى اَلنّٰاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ مَنِ اِسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً قال يكون له ما يحج به قلت فإن عرض عليه الحج فاستحى قال هو ممن يستطيع و لم يستحيي و لو على حمار أجدع و أبتر قال فإن كان يستطيع أن يمشي بعضا و يركب بعضا فليفعل و ما رواه الكليني و الشيخ عنه عن الحلبي في الحسن بإبراهيم عن أبي عبد اللّٰه ع في قول اللّٰه عز و جل وَ لِلّٰهِ عَلَى اَلنّٰاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ مَنِ اِسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً أما السبيل قال أن يكون له ما يحج به قال قلت من عرض عليه ما يحج به فاستحى من ذلك أ هو ممن يستطيع إليه سبيلا قال نعم ما شأنه يستحيي و لو حمار أبتر فإن كان يطيق أن يمشي بعضا و يركب بعضا فليحج و أجاب الشيخ عن صحيحة معاوية و رواية أبي بصير بالحمل على الاستحباب و هو مشكل سيما رواية أبي بصير حيث وقع السؤال فيها عن الآية الشريفة و المسألة لا تخلو عن إشكال بعدم تصريح بالخلاف بين الأصحاب في اعتبار الزاد و الراحلة في الاستطاعة و الذي يظهر من الأخبار كما عرفت خلافه و يعضد ذلك ما رواه الكليني عن عبد الرحمن بن الحجاج بإسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم و الآخر قوي عندي قال قلت لأبي عبد اللّٰه ع الحج على الغني و الفقير فقال الحج على الناس جميعا كبارهم و صغارهم فمن كان له عذر عذره اللّٰه و تؤيده الآية الشريفة حيث علق الحكم فيها بالاستطاعة و قد يقال إطلاق الأمر ينصرف إلى المستطيع ببدنه لقبح تكليف غير المستطيع فلو أراد اللّٰه سبحانه بالاستطاعة الاستطاعة البدنية لكان تقييد قوله عَلَى اَلنّٰاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ بقوله مَنِ اِسْتَطٰاعَ عبثا فلا بد أن يكون التقييد بها لأمر آخر و لقائل أن يقول يجوز أن يكون التقييد للتأكيد و التصريح لعموم الحكم و إناطته بمجرد الاستطاعة دفعا لتوهم اشتراط الوجوب بأمر آخر و يؤيد ما ذكرته أيضا عموم بعض الأخبار مثل ما رواه الشيخ عن ذريح المحاربي في الصّحيح عن أبي عبد اللّٰه ع قال من مات و لم يحج حجة الإسلام ما يمنعه من ذلك حاجة يجحف به أو مرض لا يطيق معه الحج أو سلطان يمنعه فليمت يهوديا أو نصرانيا و قال من مضت له خمس حجج و لم يفد إلى ربّه و هو موسر إنه لمحروم و رواه الكليني عن ذريح في الصحيح و الصدوق عنه في الحسن عنه ع بتفاوت ما في المتن و ما رواه عن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد اللّٰه ع قال إذا قدر الرّجل على ما يحج به ثم دفع ذلك و ليس له شغل ليعذره اللّٰه فيه فقد ترك شريعة من شرائع الإسلام فإن كان موسرا و حال بينه و بين الحج مرض أو حصر أو أمر يعذره اللّٰه فيه فإن عليه أن يحج عنه من ماله صرورة لا مال له و قال يقضي عن الرّجل حجة الإسلام من جميع ماله و روى عن الحلبي في الصحيح أيضا عنه ع إلى قوله فإن كان و أما ما رآه الشيخ عن معاوية بن عمار في الصحيح عن أبي عبد اللّٰه ع قال قال اللّٰه و للّه على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا قال هذه لمن كان عنده مال و صحة و إن كان سوفه للتجارة فلا يسعه فإن مات على ذلك فقد ترك شريعة من شرائع الإسلام إذ هو يجد ما يحج به فإن كان دعاه قوم أن يحجوه فاستحى فلم يفعل فإنه لا يسعه إلا أن يخرج و لو على حمار أجدع أبتر و عن قول اللّٰه و من كفر يعني من ترك فلا ينافي ما ذكرناه أن يجوز أن يكون المراد بالمال ما يقدر معه على الحج أو يكون محمولا على الغالب و على هذا تحمل حسنة محمد بن يحيى الخثعمي فإن الغالب الأكثري حصول المشقة الشديدة للماشي و اعلم أنه ذكر المصنف في المنتهى أنه يشترط الزاد و الراحلة في حق المحتاج إليهما لبعد مسافته أما القريب فيكفيه اليسير من الأجرة بنسبة حاجته و المكي لا يعتبر الراحلة في حقه و يكفيه التمكن من المشي و نحوه قال في التذكرة و صرح بأن القريب إلى مكّة لا يعتبر في حقه وجود الراحلة إذا لم يكن محتاجا إليها و هو حسن لكن في تحديد القرب الموجب لذلك إشكال فالرجوع إلى اعتبار المشقة شديدة و عدمها متجه و يبقى الإشكال في تخصيص القرب بذلك و الراحلة إنما تعتبر مع توقف قطع المسافة عليها فلو أمكن السفر في البحر من غير مشقة شديدة اعتبر أجرة المركب خاصة
و إمكان المسير و هو الصحة و تخلية السرب
أي الطريق
و القدرة على الركوب و سعة الوقت
لقطع المسافة و هذا الشرط مما لا أعرف فيه خلافا بين الأصحاب بل قال المحقق في المعتبر إنه متفق عليه بين العلماء و قد مر في المسألة السابقة ما يصلح حجة عليه
و لا يجب على الصبي و المجنون
و قد مر بيان ذلك
و لو حجا أو حج عنهما لم يجزئ عن حجة الإسلام
و في المنتهى أنه لا يعرف فيه خلافا و يدل على هذا الحكم في الصّبي ما رواه ابن بابويه عن إسحاق بن عمار في الموثق قال سألت أبا الحسن ع عن ابن عشر سنين يحج قال عليه حجة الإسلام إذا احتلم و كذلك الجارية