549كما قال الم أَ حَسِبَ اَلنّٰاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّٰا وَ هُمْ لاٰ يُفْتَنُونَ وَ لَقَدْ فَتَنَّا اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اَللّٰهُ اَلَّذِينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ اَلْكٰاذِبِينَ
و النظر
في كتاب الحج
في أمور أربعة
الأوّل في أنواعه
و هو
أي الحج ينقسم إلى
واجب و ندب فالواجب بأصل الشرع
من غير سبب عارض مقتض للوجوب كالنذر و شبهه
مرة واحدة
في تمام العمر أما وجوب الحج عند تحقق شرائطه فلا خلاف فيه بين المسلمين و هو من ضروريات الدين و يدل عليه الكتاب و السنة و أما كون وجوبه مرة واحدة فلا أعرف فيه خلافا قال الشيخ في التهذيب فرض الحج مرة واحدة و ما زاد عليه فمندوب إليه و مستحب و هذا لا خلاف فيه بين المسلمين فلأجل ذلك لم يتشاغل بإيراد الأحاديث فيه ثم نقل ما رواه معلقا عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر ع قال إن اللّٰه عزّ و جل فرض الحج على أهل الجدة في كل عام و ذلك قول اللّٰه عز و جل وَ لِلّٰهِ عَلَى اَلنّٰاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ مَنِ اِسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اَللّٰهَ غَنِيٌّ عَنِ اَلْعٰالَمِينَ قال قلت و من لم يحجّ منا فقد كفر قال لا و لكن من قال ليس هذا هكذا فقد كفر و رواه الكليني في الصحيح بتفاوت ما و ما رواه عن ابن أبي عمير في الصحيح عن أبي جرير القمي و لا يبعد أن يكون هو الثقة عن أبي عبد اللّٰه ع قال الحج فرض على أهل الجدة في كل عام قال الشيخ فمعنى هذه الأخبار أنه يجب على أهل الجدة في كل عام على طريق البدل لأن من وجب عليه الحج في السنة الأولة فلم يفعل وجب عليه في الثانية و كذلك إن لم يحج في الثانية وجب في الثالثة و على هذا في كلّ سنة إلى أن يحج و في المعتبر إن هذه الروايات محمولة على الاستحباب لأن تنزيلها على ظاهرها مخالف لإجماع المسلمين كافة و يحتمل أن يكون المراد بوجوب الحج المستفاد من هذه الأخبار وجوبه الكفائي على طائفة من المسلمين من أهل الجدة في كلّ عام فقد استفيد المعنى من غير واحد من الأخبار و روى الكليني عن عبد اللّٰه بن سنان في الصحيح عن أبي عبد اللّٰه ع قال لو عطل الناس الحج لوجب على الإمام أن يجبرهم على الحج إن شاءوا و إن أبوا فإن هذا البيت وضع للحج و عن حماد يعني ابن عثمان عن أبي عبد اللّٰه ع قال كان علي صلوات اللّٰه عليه يقول لولده يا بني انظروا بيت ربكم فلا يخلون منكم فلا تناظروا و عن حسين الأحمسي في الحسن عن أبي عبد اللّٰه ع قال لو ترك الناس الحج لما نوظروا العذاب أو قال نزل عليهم العذاب و روى الصّدوق عن حنان بن سدير قال ذكرت لأبي جعفر ع البيت قال لو عطلوه سنة واحدة لم تناظروا و المراد بالمناظرة هاهنا الإنظار يعني الإمهال و عدم نزول العذاب استعمالا لبناء فاعل في معنى أفعل كعافاه اللّٰه و أعفاه و روى الشيخ عن حفص بن البختري و هشام بن سالم و معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّٰه ع قال لو أن الناس تركوا الحج لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك و على المقام عنده و لو تركوا زيارة النبي ص لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك فإن لم يكن لهم أموال أنفق عليهم من بيت مال المسلمين و روى الصّدوق هذا الحديث عن الجماعة المذكورة في الصّحيح و عن غيرهم عنه ع و في المتن مخالفة ما و نحوه روى الكليني عنهم في الحسن و المستفاد من هذه الأخبار وجوب حج البيت في كل سنة على سبيل الوجوب الكفائي فيكفي قيام البعض به و إن كان ممن وجب عليه الحج عينا إذ لا مانع من اجتماع الحكمين و ظاهر الخبر الأخير تعلق الوجوب أولا بأهل المال و إنما ينتقل إلى غيرهم بمعونة بيت المال عند فقدهم و على ما ذكرنا يستقيم حمل الأخبار السابقة على هذا المعنى و إحالة الحكم في صحيحة علي بن جعفر إلى الآية مع الاتفاق على استفادة العيني منها غير مناف لما ذكرنا إذ لا مانع من إفادة الآية للحكمين معا كما وقع نظيره في آية التقصير على ما ورد في بعض الأخبار المعتمدة و لعل هذا الوجه أقرب الوجوه و وجوب الحج إنما يكون
على الفور
فلا يجوز تأخيره عن عام الاستطاعة لا أعرف في ذلك خلافا و يدل عليه ما رواه الشيخ عن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد اللّٰه ع قال إذا قدر الرّجل على ما يحج به ثم دفع ذلك و ليس له شغل يعذره به فقد ترك شريعة من شرائع الإسلام و ما رواه الشيخ و الصّدوق عنه في الحسن عن ذريح المحاربي في الصحيح عن أبي عبد اللّٰه ع قال من مات و لم يحج حجة الإسلام و لم يمنعه من ذلك حاجة يجحف به أو مرض لا يطيق فيه الحج أو سلطان يمنعه فليمت يهوديا أو نصرانيا و غيرهما من الأخبار و قد مر نبذة مما يدل عليه و المراد بوجوب الفورية وجوب المبادرة إليه في أوّل عام الاستطاعة و التمكن ففيما يليه و هكذا و لو توقف على مقدمات من سفر بعيد و غير ذلك تعين الإتيان لها على وجه يدرك الحج و لو تعددت الرفقة في العام الواحد قيل يجب المسير مع أولها فإن أخر و لم يدرك كان كمؤخره عمدا في حصول الاستقرار و اختاره الشهيد الثاني في الروضة و جوز الشهيد التأخير عن الأولى إن وفق بالمسير مع غيرها و احتمل بعض المتأخرين قويا جواز التأخير بمجرّد احتمال سفر الثانية استنادا إلى انتفاء الدليل على فورية السفر بهذا المعنى و أطلق المصنف في التذكرة جواز التأخير عن الرفقة الأولى و كلامه مفروض في حج النيابة
و هي
أي الواجب بأصل الشرع مرة واحدة على الفور
حجة الإسلام و غيرها
أي غير حجة الإسلام
يجب بالنذر و شبهه
كاليمين و العهد
و بالاستيجار
للنيابة سواء كان واجبا على المنوب عنه أم لا
و الإفساد
سواء كان ما أفسده واجبا أم لا لما سيجيء من أن المندوب يجب بالشروع فيه
و الندب ما عداه و كل من هذه
الأقسام المذكورة
إما تمتع أو قران أو إفراد
لا أعرف خلافا في ذلك و يدل عليه الأخبار المستفيضة منها ما رواه الكليني و الشيخ عنه عن معاوية بن عمار في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال سمعت أبا عبد اللّٰه ع يقول الحج ثلاثة أصناف حج مفرد و قران و تمتع بالعمرة إلى الحج و بها أمر رسول اللّٰه ص و الفضل فيها و لا نأمر الناس إلا بها و عن منصور الصيقل قال قال أبو عبد اللّٰه ع الحج عندنا على ثلاثة أوجه حاج متمتع و حاج مقرن سابق على للهدي و حاج مفرد للحج و وجه التسمية أما في التمتع فلكون التمتع لغة الالتذاذ و الانتفاع سمّي بذلك لتخلل التحلل بين حجه و عمرته مما قد حرمه الإحرام مع حصول الارتباط بينهما و كونهما كالشيء الواحد فكأن التمتع الواقع بينهما حاصل في أثناء الحج أولا إنه ربح ميقاتا لأنه لو أحرم بالحج من ميقات بلده لاحتاج بعد فراغه من الحج إلى أن يخرج إلى أدنى الحل فيحرم بالعمرة منه و المتمتع يستغني عن الخروج لأنه يحرّم بالحج و قيل المعنى فمن انتفع بالعمرة قاصدا إلى الحج فعليه ما تهيأ له من الهدي و أما وجه التسمية في الإفراد فلانفصاله عن العمرة و الإفراد عنها و أما في القران فلاقتران الإحرام بسياق الهدي
فالتمتع
أن يحرم من الميقات للعمرة المتمتع بها
و العمرة في اللغة الزيارة و شرعا النسك المخصوص أو زيارة البيت على الوجه المخصوص
ثم يمضي إلى مكة فيطوف سبعا و يصلي ركعتيه
أي الطواف
و يسعى
بين الصفا و المروة
للعمرة و يقصر ثم يحرم من مكة
للحج
يوم التروية
و هو اليوم الثامن من ذي الحجة و الإحرام فيه أفضل و يجوز التأخير إلى زمان يعلم أنه يدرك الوقوف
و يخرج
بعد الإحرام
إلى عرفات فيقف بها من الزوال إلى غروب الشمس يوم عرفة ثم يفيض
من عرفات
إلى المشعر
الحرام
فيقف به من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس
يوم العيد
ثم يأتي منى فيرمي جمرة العقبة بسبع حصيات ثم يذبح هديه ثم يحلق رأسه ثم يمضي إلى مكة فيطوف للحجّ و يصلي ركعتيه
أي الطواف
ثم يسعى
بين الصّفا و المروة
للحج ثم يطوف للنساء و يصلّي ركعتيه ثم يرجع إلى منى فيبيت بها ليلة الحادي عشر و الثاني عشر و يرمي في اليومين
المذكورين
الجمار الثلاث ثم ينفر إن شاء
إن اتقى الصيد و النساء
أو يقيم إلى
اليوم
الثالث فيرميه
و لم يذكر المصنف المبيت ليلة العاشر بالمشعر مع وجوبه و كذا تقييد جواز النفر الأول باتقاء الصّيد و النساء اعتمادا على تفصيل هذه الأحكام في محله و سيجيء تحقيق الكلام في هذه الأحكام كلها في محلها إن شاء اللّٰه تعالى مع الأخبار الدالة عليها و يدل على بعض هذه الأحكام ما رواه الكليني و الشيخ عنه عن معاوية بن عمار بإسنادين أحدهما حسن بإبراهيم بن هاشم و الآخر قوي عندي عن أبي عبد اللّٰه ع قال على المتمتع بالعمرة إلى الحج ثلاثة أطواف بالبيت و سعيان بين الصفا و المروة فعليه إذا قدم مكّة طواف بالبيت و ركعتان عند مقام إبراهيم و سعى بين الصفا و المروة ثم يقصر و قد أحل هذا للعمرة و عليه للحج طوافان و سعى بين الصفا و المروة و يصلي عند كل طواف بالبيت ركعتين عند مقام إبراهيم ع و عن منصور بن حازم بإسنادين أحدهما حسن بإبراهيم و الآخر قوي عندي عن أبي عبد اللّٰه ع قال على المتمتع بالعمرة إلى الحج ثلاثة أطواف بالبيت و يصلّي لكلّ طواف ركعتين و سعيان بين الصّفا و المروة و عن أبي بصير عن أبي عبد اللّٰه ع قال المتمتع عليه ثلاثة أطواف بالبيت و طوافان بين الصفا و المروة و يقطع التلبية من متعة إذا نظر إلى بيوت مكّة و ليحرم بالحج يوم التروية و يقطع التلبية يوم عرفة حين نزول الشمس
و المفرد