69من خلال اقتناص سمة واحدة، إلّاأنّها ذات إثارة وطرافة. . .
وأيّاً كان الأمر، فإنّ النصّ الصوري قد تحدّث عن الشرك باللّٰه تعالى في سياق المطالبة بأن يكون الحُجّاج ( حنفاء للّٰهغير مشركين به) ، سواء أكان المقصود من ذلك (وفقاً للنصوص المفسّرة) الإشراك في تلبية الحجّ، أو مطلق الشرك، وسواء أكان ذلك في نطاق الشرك الاصطلاحي أو الشرك الخفي كالرياء ونحوه. . ففي الحالات جميعاً، فإنّ إشراك (الآخر) مع اللّٰه تعالى في مطلق الممارسات، يعني: إكساب (الآخر) فاعليةً ما، مع أنّ الحقيقة أنّ الفاعلية هي للّٰهتعالى وحده، وحينئذٍ من الممكن أن يكون النصّ قد استهدف الإشارة إلى أنّ من أشرك أحداً مع اللّٰه سوف يسقط من (حساب) اللّٰه تعالى حتماً، ويخسر كلّ شيء، وعندها سيكون مَثَلُه مَثلَ مَن سقط من الجوّ (والسقوط وحده كافٍ في إلغاء الشخص من الحساب) وفي حالة سقوطه سوف لن يستنقذه أحدٌ ممّن أشركه مع اللّٰه تعالى، فإمّا أن تخطفه الطير فتنهش لحمه دون أن يستنقذه الطرف المذكور، وإمّا أن تهوي به الريح في مكان بعيد لا يصل إليه أحد ليستنقذه من الموت، إن كان به رمق - على سبيل المثال. . . .
المهم، يظلّ التشبيه المذكور - كما قلنا - واحداً من الصور الفنّية، التي تنتظر مَن يستكنه أسراره لاحقاً، مادمنا نعرف تماماً بأنّ النصّ القرآني الكريم نصٌّ (معجزٌ) فنّياً، وأنّ الاستخلاصات المتعدّدة بعدد قرّاء النصّ، تظلّ إحدىٰ سماته الفنّية المدهشة حيث يترك المتلقي - كلاً بحسب مرجعيته الثقافية والتذوقية - يستخلص دلالة تفترق أو تتماثل أو تتفاوت مع الآخر، بالنحو الذي أوضحناه.
&