68أدوات فنّية جديدة؛ ليكتشف بها أسرار الفن. . .
والمهم هو: أن نشير إلى جملة نقاط، منها:
- أن ننتبه إلى أنّ التشبيه الذي نحن في صدده قد اعتمد أداة (كأن) ، ولابد من أن يكون انتخاب النصّ لهذه الأداة دون غيرها منطوياً على سرّ فنّي، فالملاحظ (وهذا ما رصدناه في استخدام القرآن الكريم لأدوات التشبيه) أنّ أدوات التشبيه الثلاث المعروفة (الكاف) (مِثْل) (كأنّ) تضطلع كلّ منها بوظيفة خاصة، فإذا كان طرفا التشبيه يتماثلان في السمات المشتركة بينهما إلى درجة كبيرة تتجاوز المتوسط، حينئذٍ فإنّ الأداة (مِثْل) هي التي تستخدم في هذا المجال، وهذا ما نجده في الصورة التشبيهية التي رسمها القرآن الكريم بالنسبة الى أحد ابني آدم عليه السلام عندما قتل أخاه وجهل كيفية مواراته، حيث شاهد غراباً ( يبحث في الأرض) 1فقال: ( يا ويلتى أَعجزتُ أن أكون (مثل) هذا الغراب. .) 2فالملاحظ هنا أن طرفي الصورة يتماثلان إلى درجة كبيرة تتجاوز المتوسط، حيث إنّ الإنسان والطائر متماثلان جنساً، ومواراتهما في الأرض يتماثلان، وهكذا؛ لذلك استخدمت أداة التشبيه (مثل) ، . . .
وأمّا إذا كانت درجة التشابه متوسطة المدى كما هو الغالب في التشبيهات القرآنيّة، استخدم أداة (الكاف) .
وأمّا إذا كانت دون درجة الوسط، فإنّ الأداة (كأنّ) هي تضطلع برسم الصورة، وهذا ما نجده في التشبيه الذي نحن في صدده. فالشرك باللّٰه عملية (فكرية) ، وأمّا السقوط من الجو، وخطف الطير، وإلقاء الريح إيّاه في مكان سحيق، فظواهر (مادية) كما هو بيّن؛ لذلك استُخدمت الأداة (كأنّ) نظراً للسمات المتفاوتة بين الطرفين. . . طبيعياً، أن السياق هو الذي يحدّد استخدام هذه الأداة أو تلك، وأمّا نسبة السمات المشتركة كثرت أو ضؤلت لا دخل لها في جعل التشبيه متميّزاً عن التشبيه الآخر؛ لأنّ المهم هو: اقتناص أحد وجوه الشبه والتركيز عليه، حتّى إنّه ليمكن القول: إنّ التشبيه قد يصل إلى ذروة قيمته الفنّية (في تجارب البشر)