67المذكورتين، حيث إنّ (الذات) تتسع لتشمل كلَّ ما يتصل بها من قريب أو بعيد، ومنه: المجد النسبي (ذكر الآباء والأجداد) ، وحيث إنّ (الانتماء الاجتماعي) يتسع ليشمل كلّ فرد أو مؤسسة يرتبط بها الشخص: الآباء، الاُسرة، القرابة، القبيلة. . . نقول: إنّ الحاجتين المذكورتين تفسّرانلنا سرّ التشبيه المشار إليه من حيث كونه قد انتخب (ذكر الآباء) دون أنماط الذكر الاُخرى؛ نظراً لإلحاحهما بالنسبة إلى دوافع الإنسان المتنوّعة. . . لكن: بما أنّ ذكر اللّٰه تعالى لا يمكن أن يقاس بذكر الآباء خاصّة لمن يمتلك وعياً عبادياً جادّاً، حينئذٍ فإنّ النصّ التشبيهي المذكور أردف التشبيه المتكافئ بالتشبيه المتفاوت، فقال ( أو أشدّ ذكراً) بصفة أن عظمة اللّٰه تعالى ونعمه التي لا تحصى لا يمكن أن تُقاس بمجد الآباء وفضلهم. . .
* * *
* قال تعالى: (حُنفاء للّٰهغيرَ مشركين به ومَن يُشرك باللّٰه فكأنّما خرّ من السماء فَتخطَفُهُ الطيرُ أو تهوي به الريحُ في مكان سحيق) .
تشير النصوص المفسّرة إلى أن التشبيه المذكور، يومئ إلى أنّ المشرك لا يملك لنفسه حيلة فهو هالك لا محالة، أو أن بُعده عن الحقّ كبعد الساقط من السماء. . .
ومع أن هذا النمط من التذوّق الفنّي للصورة ينطوي (من حيث الحصيلة النهائية للشرك) على الصواب، إلّاأنّ الأسرار الفنّية الكامنة وراء هذا التشبيه لا تزال مجهولة لم يهتد الأقدمون ولا المعاصرون إلى استكناه دلالاته الفنّية، فالملاحظ أنّ قسماً من النصوص الفنّية وسواها قد اهتدى الأقدمون إلى كشف أسرارها، والبعض الآخر لم تسمح الثقافة الموروثة آنئذٍ بالكشف عنها؛ نظراً لمحدودية المناخ الثقافي آنئذ (كما هو ملاحظ مثلاً في سكوت الأقدمين عن الحديث عن الأسرار الفنّية لقصص القرآن) والقسم الآخر من النصوص الفنّية قد اهتدى المعاصرون إلى كشفها بالنسبة إلى الجيل السابق منهم، والقسم الآخر قد اهتدى الجيل الحالي إلى كشفه، مما يعني أنّ قسماً آخر لا يزال ينتظر جيلاً جديداً يمتلك