269أو لذويه من كلّ من يلحق الأذى به أو بذويه. ويتضامن معه أفراد عشيرته، أو بطون قبيلته في الوصول الىٰ حقّه ضد أي فرد أو جماعة تعتدي عليه من خارج قبيلته.
عوامل الانقسام:
ولكن مع كلّ العوامل المؤشرة الى التماسك سواء في مجتمع التكوينات القبلية، أو في مجتمع التكوينات الكبيرة، فإنّ عوامل الانقسام كانت موجودة في داخل هذه التكوينات في الوقت ذاته. ففي المجتمع القبلي رغم ماكانت عليه العصبية من رسوخ يدفع القبيلة الىٰ أن تخفّ للدفاع عن أي فرد من أفرادها إذا تعرّض لأذى أو اعتداء أو إهانة من قبيلة أخرى، فإن نداء العصبية هذا لم يكن يمارس بنفس الحماس في حالة كلّ الاشخاص.
ولعل الأقرب الى الواقع في هذا الصدد هو أن هذا الحماس في الاستجابة لنداء العصبية كان يشتد أو يخفّ أو حتى ينعدم حسب وضع الشخص في القبيلة، فإذا كان من الوجهاء أو الاعيان أو السادة فإن القبيلة تهب في استجابة فورية لهذا النداء، كما حدث على سبيل المثال، فيما يرويه (ابن الاثير) من غضب (عمرو بن كلثوم) حين أحسّ أن إهانة قد لحقت بأمّه على يدي أمّ الأمير اللخمي (عمرو بن هند) فنادى آل قبيلته تغلب، واستجابت القبيلة للنداء، وكان بعدها صدام مسلح انتهى لصالح التغلبيين 1.
ونحن نستطيع أن نقابل بين هذا وبين ما نستنتجه من شعر قاله (قريط بن أنيف) أحد بني العنبر (وهو شاعر مخضرم) وكان عدد من أفراد (بني ذهل بن شيبان) قد نهبوا عدداً من إبله فاستغاث بقومه فلم يغيثوه، فندّد بموقفهم هذا في أبياته. والتفسير المنطقي هنا هو أن قريطاً ربما كان من (طبقة العوام) في قبيلته، ومن ثم لم يكن ما أصابه من أذى (سواء بالحق أو بالباطل) مدعاة للاهتمام بين أفرادها ليهبّوا لمساندته، وهو يشرح لنا هذا الموقف بكلّ وضوح حين يقول: