172الحقيقة أنّ الأنبياء وهم كثيرون جدّاً، لابدّ من أنّهم عاشوا في ثنايا الحضارات المختلفة يرشدون الناس، ويدلونهم على طريق اللّٰه الصائب، وعلى الرغم من أننا نعرف أنّ إبراهيم عليه السلام عاش في حضارة وادي الرافدين، ويوسف وموسى عاشا في حضارة وادي النيل، وأنبياء بني إسرائيل عاشوا في الحضارة الفينيقية وغيرها وآخرين في حضارات اُخرىٰ، إلّاأننا لا نعرفهم جميعهم كما جاؤوا في أحاديث نبيّنا صلى الله عليه و آله والأئمّة الأطهار عليهم السلام أنّهم (124) ألف نبيّ أو أكثر و (300) رسول أو أكثر.
ولكن على أيّ حال لابدّ من أن نذكِّر أنّ ما تبقىٰ من الشعائر الصحيحة في تلك الحضارات هي لا شك جاءت بفضل كثرة الأنبياء، الذين عاشوا في تلك الحضارات. فقد كان الأنبياء في كلّ الحضارات القديمة، القدوة الحقيقية لشعوبهم، بل ولكلّ العالم، وتصرّفاتهم مستمدّة من السماء لا يفعلون شيئاً شائناً مضرّاً بالناس، وإلّا لا يمكن وصفهم بالأنبياء والقدوة، فالمقتدىٰ به يجب أن يكون أفضل الناس. . وهكذا كان الأنبياء في كلّ مكان وزمان. ولمّا كان الحج فريضة أمر اللّٰه تعالىٰ بها، فقد كانوا أولى المبادرين إليه، وكانوا أفضل من يقوم به ويؤدّي شعائره وممارسته. .
فقد جاء في الروايات عن النبيّ محمّد صلى الله عليه و آله وعن أهل بيته الكرام عليهم السلام، في حج الأنبياء، أنّ الأنبياء والرسل مارسوا الحج جميعهم إلى بيت اللّٰه الحرام، ولم يتخلّف نبيٌّ واحد عن هذا المسار الربّاني السماوي. . وإليك بعض الأحاديث:
عن الحلبي: سُئل أبو عبداللّٰه الصادق عليه السلام عن البيت أكان يحجُّ إليه قبل أن يبعث النبيّ محمّد صلى الله عليه و آله؟ قال: «نعم وتصديقه في القرآن الكريم قول شعيب حين قال لموسى حيث تزوّج: على أن تأجرني ثماني حجج ولم يقل ثماني سنين، وأنّ آدم ونوحاً حجّا، وسليمان بن داود قد حجَّ البيت بالجن والإنس والطير والريح، وحجّ موسى علىٰ جمل أحمر يقول: لبيك لبيك، وأنّه كما قال اللّٰه: إنّ أوّل بيتٍ وضع