164
الحجّ في الحضارة الرومانية
والحضارة الرومانية كذلك عرفت الحج، ونظّمت طقوساً خاصّة به، ممّا يتعلّق بديانتهم، وبنت الهياكل الكبيرة 1المربعة منها والمستديرة، وقدّمت للهياكل هدايا وأضاحي ونذورات، وعددت الآلهة، وجعلت لكلِّ شيءٍ إلهاً، وتقرّبت للآلهة؛ لكسب عونها ورضاها، أو لاتقاء غضبها. وكان الكهنة يوصون الحجّاج أو زائري الهياكل والمعابد أن يلتزموا بالدقّة في ممارسة الطقوس والشعائر الخاصّة في الاحتفال في الأعياد السنوية وغير السنوية، وإذا وقع خطأ في طقس من هذه الطقوس أيّاً كان نوعه، وجبت إعادته من جديد، ولو تطلّب ذلك إعادته ثلاثين مرّة 2.
وكان أهم ما في هذه الطقوس، التضحية «وفي أكبر المناسبات أهمية عيد السو أفي يلية ( Su- ove- taur- illa ) أي (عيد الخنزير والشاة والثور) . وكانوا يعتقدون أنّه إذا تليت صيغ خاصة على التضحية استحالت إلى إلٰه يراد منه أن يتقبلها، وعلى هذا الاعتبار كان الإلٰه نفسه هو الذي يضحىٰ به» 3.
وهناك مراسم اُخرىٰ في عيد التطهير «وكان احتفال التطهير من أكثر هذه الطقوس متعة، وكان هذا التطهير يحدث للمحصولات الزراعية أو لقطعات الماشية أو للجيش أو المدينة. وكانت الطريقة المتّبعة في هذا الاحتفال أن يطوف موكب بالشيء المراد تطهيره، ويقدّم له الصلوات والذبائح والانشودة والرقية، ورجاء الإجابة فانّ لم يجب فإن غلطة ما قد حدثت في الطقوس المرعية» 4.
وهناك مكان آخر حجّ إليه الرومان وهو إلٰه القمر (ديانا) «وكانت - ديانا - في زعمهم روح شجرة جيء بها من أريشة ( Aricea ) حينما خضع هذا الإقليم من أقاليم لا ينوم لحكم رومة، وكان بالقرب من أريشيا بحيرة نيمي Nemi وأيكتها، وكان في هذه الأيكة مزار ديانا ملجأ الحجاج، الذين يعتقدون أن هذه الالهة قد ضاجعت في هذا المكان فربيوس Virbius ملك الغابات الأوّل، ولكي يضمن دوام