115الموجودة الآن هي التي صلّى فيها المعصومون عليهم السلام بعيد بل معدوم العدم وذلك للتغييرات الفاحشة في تلك المساجد من جهة التخريب والتعمير والتوسعة والتضييق كما لايخفى فهذه العلامة ليست متحقّقة في هذه الأزمنة» . فهو في قبلة المدينة خاصة بعيد عن صوب الصواب جدّاً. . .
ولا يخفى عليك أن تعمير مسجد النبي وتوسعته أو تضييقه لا توجب تغيير المحراب الذي صلّى فيه رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله بل المسلمون فضلاً عن مؤمنيهم يراقبون في حفظه على ما كان تبركاً منهم بذلك، وأي غرض يتعلّق في ذلك للمخالف أن يغيّر المحراب مع اهتمام المسلمين طرّاً بذلك بل عدم التغيير معلوم، ومن أين ثبت ونقل أن تغيّر المحراب بالتعمير فضلاً عن أن يكون خامشاً؟ وبالجملة لا يساعد هذا القول دليلٌ بل كما قلنا عدم التغيير معلوم. . . .
ثم بعد ذلك ينتقل إلى قول المجلسي وهو مخالف للقواعد. . . فيقول فيه: تلك القواعد هي المستفادة من الأرصاد والآلات المبنية على ما ذهب إليه القدماء، ولا يخفى على البصير في الفن أنّه قد وقع للقدماء في تعيين أطوال البلاد وعروضها خبط عظيم، وإن كان الخبط في الطول أشدّ وأكثر. . . .
ثم ان احتمال تحريف قبلة المدينة من سلاطين الجور ضعيف غاية الضعف؛ لأنّهم كانوا متظاهرين بحفظ الدين وآثار النبيّ وشعائر الإسلام، مع عناية قاطبة المسلمين إلى حفظ ما بقي من الرسول وبنى تبرّكاً منهم بذلك، وإن كان هؤلاء السلاطين يردّون الناس على أعقابهم القهقرى.
ثمّ ينتهي في ردّه الى القول: والصواب أن يجعل محرابه صلى الله عليه و آله أصلاً فإن طابقته قواعد الهيئة وما استنبطت من الآلات الرصديّة وغيرها، كما في القانون المسعودي، وإلّا فقد حصل خلل في عمل أرباب الأزياج وأصحاب الأرصاد لا في فعل النبي صلى الله عليه و آله كما فعله غير واحد من مهرة الفن من القدماء 1.