106ذلك، فإنّ عليه أن يجتهد في الاتجاه الى عين الكعبة، إذ لا يكفيه الاتجاه الى جهتها ما دام بمكة، على أنه يصح أن يستقبل هواءها المحاذي لها من أعلاها، أو من أسفلها، فإذا كان شخص بمكة على جبل مرتفع عن الكعبة أو كان في دار عالية البناء، ولم يتيسر له استقبال عين الكعبة، فإنه يكفي أن يكون مستقبلاً لهوائها المتصل بها، ومثل ذلك ما إذا كان في منحدر أسفل منها، فاستقبال هواء الكعبة المتصل بها من أعلا أو أسفل، كاستقبال بنائها عند الأئمة الثلاثة (أي الحنفي والشافعي والحنبلي) ، وخالف المالكية حيث قالوا: يجب على من كان بمكة أو قريباً منها أن يستقبل القبلة؛ بناء الكعبة، بحيث يكون مسامتاً لها بجميع بدنه، ولا يكفيه استقبال هوائها، على أنهم قالوا: إن مَن صلى على جبل أبي قبيس فصلاته صحيحة، بناءً على القول المرجوح من أن استقبال الهواء كافٍ 1. . .
أما من كان بعيداً عن مكة، فالشرط الذي في حقه أن يستقبل الجهة التي فيها الكعبة، ولا يلزمه أن يستقبل عين الكعبة، بل يصح أن ينتقل عن عين الكعبة الى يمينها أو شمالها، ولا يضر الانحراف اليسير عن نفس الجهة أيضاً؛ لأن الشرط هو أن يبقى جزء من سطح الوجه مقابلاً لجهة الكعبة، مثلاً إذا استقبل المصلي في مصر الجهة الشرقية بدون انحراف الى جهة اليمين، فإنه يكون مستقبلاً للقبلة؛ لأن القبلة في مصر وإن كانت منحرفة الى جهة اليمين، ولكن ترك هذا الانحراف لا يضر؛ لأنه لا تزول به المقابلة بالكلية؛ فالمدار على استقبال جهة الكعبة أن يكون جزء من سطح الوجه مقابلاً لها، وهذا رأي ثلاثة من الأئمة (الحنفية والمالكية والحنبلية) وخالفهم الشافعية حيث قالوا: يجب على من كان قريباً من الكعبة أو بعيداً عنها أن يستقبل عين الكعبة، أو هواءها المتصل بها كما في أعلاه، ولكن يجب على القريب أن يستقبل عينها أو هواءها يقيناً بأن يراها أو يلمسها أو نحو ذلك مما يفيد اليقين، أما من كان بعيداً عنها فإنه يستقبل عينها ظناً لا جهتها على المعتمد، ثم إن الانحراف اليسير يبطل الصلاة إذا كان بالصدر بالنسبة للقائم والجالس، فلو