105وأجمعوا على أن من شاهدها وعاينها فرض عليه اسقبالها، وأنه إن ترك استقبالها وهو معاين لها وعالم بجهتها فلا صلاة له، وعليه إعادة كل ما صلى، ذكره أبو عمر. وأجمعوا أن كلّ من غاب عنها أن يستقبل ناحيتها وشطرها وتلقاءها، فإن خفيت عليه فعليه أن يستدل على ذلك بكلّ ما يمكنه من النجوم والرياح والجبال، وغير ذلك مما يمكن أن يستدل به على ناحيتها. ومن جلس في المسجد الحرام فليكن وجهه الى الكعبة وينظر اليها إيماناً واحتساباً، فإنه يروى أن النظر الى الكعبة عبادة، قاله عطاء ومجاهد.
- كما يذكر القرطبي في المسألة الرابعة من هذا البحث أنهم: اختلفوا هل فرض الغائب استقبال العين أو الجهة؛ فمنهم من قال بالأول.
ويذكر قول ابن العربي بتضعيف من قال باستقبال العين فرضاً للغائب. حيث قال ابن العربي: وهو ضعيف لأنه تكليف لما لا يصل إليه أو لما لا يوصل إليه. ومنهم من قال بالجهة - أي فرض الغائب الجهة - وهو صحيح لثلاثة أوجه:
الأول: أنه الممكن الذي يرتبط به التكليف.
الثاني: أنه المأمور به في القرآن لقوله تعالى: فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم. . يعني من الأرض من شرق أو غرب. فولوا وجوهكم شطره . فلا يلتفت الى غير ذلك.
الثالث: أن العلماء احتجوا بالصف الطويل الذي يعلم قطعاً أنه أضعاف عرض البيت. ويجب أن يعول على ما تقدم، فإن الصف الطويل إذا بعد عن البيت أو طال أو عرض أضعافاً مضاعفة لكان ممكناً أن يقابل جميع البيت 1.
هذا في مسألتي استقبال العين أو استقبال الجهة وأيهما هو فرض الغائب البعيد عن الكعبة.
إذن فالقبلة هي جهة الكعبة أو عين الكعبة، فمن كان مقيماً بمكة أو قريباً منها فإن صلاته لا تصح إلّاإذا استقبل عين الكعبة يقيناً ما دام ذلك ممكناً، فإذا لم يمكنه