10مياه السيول صوب المسجد الحرام، وتمّ إخلاء المسجد من الماء المتبقي فيه، شرعوا في تقييم الخسائر، والسعي في إعادة بناء البيت العتيق، فانتدب الباب العالي ناظراً ليشرف بنفسه وبمعاونة أمير مكّة وقاضيها علىٰ إعادة بناء البيت. وكان من حُسن حظّ مؤلف رسالتنا هذه وتوفيقه أنّه كان من المشاركين في بناء الكعبة، وقد شرح في رسالته تفاصيل الحدث بدقة وحسب الأيام، ثمّ تحدّث عن بناء الكعبة المشرّفة ومساهمته في ذلك، وأنّه كيف تمكن بلباقة وذكاء أن يُدخِل نفسه وجماعة من المؤمنين ضمن المجموعة العاملة في بناء البيت، هذا فضلاً عن أنّ المؤلف عقد فصلين تحدث فيهما بإسهاب عن الكعبة وما بداخلها وما يتعلق بها وبالمسجد الحرام من الأبواب والأساطين والمآذن والأركان وسائر الأماكن المقدسة فيه كالحِجر ومقام إبراهيم وغيرها.
ومصنّف هذه الرسالة هوالمولى ميرزا زين العابدين بن نور الدين علي الحسيني الكاشاني من علماء الإمامية في القرن الحادي عشر. هاجر من بلاده الىٰ مكّة المكرمة، فاختار جوارها، وكان بيته مواجهاً لأحد أبواب المسجد الحرام ومقابلاً للكعبة. تتلمذ عند المولى محمد أمين الاسترابادي (رأس الأخباريين المتأخرين، والمنظِّر العنيد للمدرسة الإخباريّة، ومؤلف كتاب الفوائد المدنيّة) وورد ذكره في «رياض العلماء» ج2/399، و «حديقة الشيعة» لعبدالحيّ الرضوي، كما نقل العلّامة المجلسي في «بحار الأنوار» ج107/14 إجازته الروائية التي أعطاها لتلميذه عبدالرزاق المازندراني.
ومن المؤسف أنّ هذا السيد الشريف، والعالم الجليل، والمهاجر في سبيل اللّٰه، والمجاور لبيته العتيق، والمشارك في تجديد بناء قواعده، نالته يد الغدر والخيانة. . ممن كانوا يضمرون الحقد والبغضاء لمبدئه، فتوفي رحمه اللّٰه شهيداً صابراً محتسباً بمكّة المكرّمة، ومَن يخرج من بيتهِ مُهاجراً إلى اللّٰه ورسُولِه ثمَّ يُدرِكه الموت فقد وقع أجرُهُ على اللّٰه .
اعتمدنا في طبع هذه الرسالة على نسخة في (كتابخانة مجلس شوراى اسلامي)