45وقد كان من أولويَّات حكومة أمير المؤمنين (ع) هي إصلاح الخلل الاقتصادي والفساد المالي الّذي عانت منه الحكومات السّابقة؛ ولذا فقد أخذ الإمام (ع) في الأيام الأُولى لخلافته المباركة كلّ القطائع الّتي أقطعها عثمان، ومنها فدَك، حيث كان عثمان قد أقطعها لمروان كما تقدَّم، فأخذها أمير المؤمنين (ع) وأعادها إلى بيت المال. ففي رواية ابن عباس، قال:
إنَّ علياً (ع) خطب في اليوم الثاني من بيعته بالمدينة، فقال: ألا إنَّ كلّ قطيعة أقطعها عثمان، وكلّ مال أعطاه من مال الله، فهو مردود في بيت المال، فإنَّ الحقّ القديم لا يُبطله شيء، ولو وجدته وقد تزوّج به النّساء، وفرّق في البلدان، لرددتُه إلى حاله؛ فإنَّ في العدل سِعة، ومَن ضاق عنه الحقّ، فالجور عليه أضيق 1.
ومن كلام للإمام (ع) فيما ردَّه على المسلمين من قطائع عثمان:
«والله لو وجدته قد تزوّج به النساء ومُلك به الإماء، لرددته؛ فإنَّ في العدل سِعة، ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق» 2.
لماذا لم يُرجِع أمير المؤمنين فدك لأهل البيت عليهم السلام ؟
لم يثبت أنَّ أمير المؤمنين (ع) قد أرجع فدك إلى أهل البيت عليهم السلام ، بل توجد روايات من طرق الشّيعة تؤكِّد أنَّه (ع) لم يرجعها؛ فقد روى الشّيخ الصّدوق في «علل الشّرائع»، بسنده عن إبراهيم الكرخي، قال:
سألت أبا عبد الله (ع) فقلت له: لأيِّ علّة ترك علي بن أبيطالب (ع) فدك، لمّا ولي الناس؟! فقال: للاقتداء برسولالله (ص) لمَّا فتح مكَّة، وقد باع عقيل بن أبيطالب داره، فقيل له: يا رسولالله ألا ترجع إلى دارك؟ فقال (ص) :وهل ترك عقيل لنا داراً؟! إنّا أهل بيت لا نسترجع شيئاً يُؤخَذ منّا ظلماً. فلذلك لم يسترجع فدك لمّا ولي 3.