46وسيأتي الكلام عن رواية الشّيخ الصّدوق هذه في علل الشّرائع لاحقاً.
ومن هنا انبثق هذا الإشكال، وهو أنَّ عدم إرجاع أمير المؤمنين (ع) فدك إلى أهل البيت عليهم السلام في خلافته، يكشف عن رضاه (ع) بتصرّف الشّيخين فيها.
لكنَّ هذا الإشكال واضح البطلان، ويمكن الإجابة عنه من خلال النّقاط التّالية:
1. تصريح الإمام (ع) بأنَّ فدك حقّ فاطمة عليها السلام
إنّ عدم إرجاع أمير المؤمنين (ع) فدك في خلافته لأهل البيت عليهم السلام ، لا يكشف عن رضاه (ع) بتصرُّف الشّيخين فيها؛ لتصريحه (ع) سابقاً بكونها حقّ فاطمة عليها السلام ، وأنَّ الشّيخين قد أخذاها منها عليها السلام .
وقد سجّل لنا التّاريخ بكلّ وضوح هذه الإدانة من أمير المؤمنين (ع) لموقف الشّيخين إزاء فدك، وأنَّه (ع) كان يراها من جملة حقوقهم الّتي أُخذت منهم، كما في رواية مسلم في الصّحيح الّتي تقدّم ذكرها، من أنَّ عمر قال لأمير المؤمنين (ع) والعبّاس، بعد أن جاءا إليه وطالباه بإرث رسول الله (ص) وفدك:
...فلمَّا توفّي رسول الله(ص)، قال أبو بكر: أنا وليُّ رسول الله(ص)، فجئتما تطلب ميراثك من ابن أخيك ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها، فقال أبو بكر: قال رسول الله(ص): "ما نورِّث، ما تركنا صدقة"، فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً... ثُمَّ توفِّي أبو بكر وأنا وليّ رسول الله(ص)، ووليّ أبيبكر، فرأيتماني كاذباً آثماً غادراً خائناً... فولَّيتها، ثُمَّ جئتني أنت وهذا، وأنتما جميع وأمركما واحد، فقُلتما: ادفعها إلينا، فقلت: إن شئتم دفعتها إليكما، على أنَّ عليكما عهد الله أن تعملا فيها بالّذي كان يعمل رسولالله(ص)، فأخذتماها بذلك. قال: أكذلك؟ قالا: نعم. قال: ثُمّ جئتماني لأقضي بينكما. ولا والله، لا أقضي بينكما بغير ذلك حتّى تقوم السّاعة، فإن عجزتما عنها، فردّاها إليّ 1.
فهذا الحديث صريح الدّلالة على أنَّ أمير المؤمنين (ع) كان يعتقد بأنَّ فدك حقّ