42ويُستفاد من بعض الآيات القرآنيّة بأنّ دأب الأمم السابقة أيضاً كان اللجوء إلى الأنبياء وطلب الاستغفار منهم، كما فعل أبناء يعقوب، حيث قصدوه وطلبوا منه أن يستغفر لهم، فقالوا له: 
  
     (يٰا أَبٰانَا اسْتَغْفِرْ لَنٰا ذُنُوبَنٰا إِنّٰا كُنّٰا خٰاطِئِينَ * قٰالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (يوسف: 97 و 98). 
  ولا يوجد أيّ مجال للاعتراض على هذا النمط من التوسّل، ولم نجد أيضاً أيّ مخالف في هذا الصعيد. 
  الأمر الذي يحوز أهميّةً في هذا المقام هو أنّ المكانة المقدّسة التي يمتلكها الأنبياء هي الوسيلة التي تجعل دعاءهم أقرب للاستجابة، وهذا الأمر هو الذي يحفّز الآخرين على طلب الدعاء منهم. 
  
    
 6. التوسّل بدعاء النبي بعد رحيله 
  
  تثبت الأدلّة بأنّ الإنسان الصّالح حيّ عند الله في حياته البرزخيّة، ويمكن الاتّصال به ولا يوجد فرق في طلب الدعاء من هكذا شخص سواء في حياته الدنيويّة أم في حياته البرزخيّة. 
  ومن هذا المنطلق فإنّ طلب الاستغفار من الرسول مع لحاظ قوله تعالى: ( وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جٰاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللّٰهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللّٰهَ تَوّٰاباً رَحِيماً )  (النساء: 64)، شاملٌ لطلب الاستغفار من الرسول في حياته وبعد رحيله. 
  ولا شكّ فإنّ دعاء الرسول(ص) أقرب للاستجابة من دعاء غيره وذلك لنقاء روحه و طهارة نفسه ولقربه(ص) من الله عزّ وجلّ. 
  وكما يجوز للعباد طلب الدعاء من الرسول في حياته، كذلك يجوز لهم