29التكوين.
وقد أشار رسول الله في حديث إلى المنازل الرفيعة التي ينالها سالكو طريق الحقّ من خلال عبادتهم الله تعالى حيث ذكر(ص) حديثاً قدسيّاً جاء فيه:
وما تقرّب إليّ عبد بشيء أحبّ إليّ ممّا افترضت عليه، وإنّه ليتقرّب إليّ بالنافلة حتّى أحبّه، فإذا أحببته كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ولسانه الذي ينطق به، ويديه التي يبطش بها، إن دعاني أجبته، وإن سألني أعطيتهُ. 1
والتأمل في هذا الحديث القدسي يرشدنا إلى معرفة عظمة الكمال الذي يناله الإنسان من خلال أداء الفرائض والنوافل، وتزداد في هذه الحالة قدرة الإنسان الباطنيّة، بحيث يصل إلى مرحلة يكون فيها قادراً بإذن الله تعالى من سماع ما لا تسمعه الآذان في الأوضاع الطبيعيّة، ويرى ما لا تراه الأعين في الحالة الطبيعيّة، فيصل إلى كلّ مايبتغيه، ويصبح من أحباء الله وينصبّ عمله في دائرة مرضاة الله تعالى.
ولا شكّ في أنّ المقصود من الحديث الذي ذكرناه آنفا أنّه تعالى يوسّع بقدرته دائرة رؤية هذا العبد، ودائرة سمعه ويزيد من قدرته.
آثار العبوديّة والكمال النفساني
من آثار كمال النفس، قدرة التصرّف في العالم -بإذن الله- وبيان ذلك أنّ الإنسان يغدو في ظلّ قدرته التي يكتسبها من التقرّب الى الله تعالى قادراً على التصرّف في العالم بإرادته كما يتصرّف في سلوكه وأفعاله الاختياريّة، ومن هنا