34
فالناصبي أتى بمحرم قطعاً، ولم يأتِ بالواجب الآخر من موالاة سائر أهل الإيمان، كالصحابة، إذ ليس من لازمه محبّة بقية الصحابة، وهب أنّه من لازمه، فلا يخرجه عن الإخلال بواجب محبة علي، وفعله لمحرَّم من بغضه... وبهذا عرفت أنَّ الناصبي المطلق خارج عن العدالة.... 1
هذا من جهة.
ومن جهة أُخرى، فالناصبي مبتدع، وللاستدلال على ابتداعه نرجع إلى تعريف البدعة الذي أوردناه في الفصل الأول، فقد قلنا هناك إنَّ البدعة الاصطلاحية هي: الأمر المُحدَث في الدين - خصوصاً - ولم يكن له أصل في الدين.
ثُم لنرجع إلى تعريف النصب، لنلاحظ أنَّ النواصب هم: (المتدينون ببغض علي عليه السلام )، كما نصَّ على ذلك ابن منظور والزبيدي والزمخشري، «وجعلوه مذهباً»، كما نصَّ على ذلك صاحب الكليات.
فالمتحصّل من تعاريف النصب أنَّ النواصب يتديَّنون به، أي: يجعلوه من الدين ويدخلوه فيه، وهذا مطابق تماماً لتعريف البدعة.
أو أنَّهم أتوا بشيء جديد على خلاف الشرع المقدس؛ لأنَّ النصب لعلي عليه السلام لم يأتِ به رسول الله (ص) ، ولم يأمر به قطعاً، بل أمر بخلافه وبضده. فالناصبي أتى بشيء لم يكن على عهد رسول الله (ص) ولم تأمر به الشريعة، بل أمرت بضده، فالناصبي - حينئذٍ - مبتدع مُدخل في الدين ما ليس فيه.
وإذا ثبت ذلك، وتقدم أنَّ مفهوم العدالة قد أُخذ فيه قيد (عدم البدعة)، ينتج لا محالة أنَّ الناصبي ليس بعادل؛ لأنَّه مبتدع، وحدّ العدالة قد اخذ فيه عدم البدعة.
وهذه النتيجة لعلها من الواضحات التي لا غبار عليها، لكن مع ذلك نورد كلام أحد مشاهير علماء الجمهور في ذلك، وهو السيوطي، إذ قال ما نصه:
فائدة: أردت أن أسرد هنا مَن رُمي ببدعته ممَّن أخرج لهم البخاري ومسلم أو أحدهما،