33كما أثبتنا هناك أنَّ العدالة تعدُّ واحداً من أهم الشروط الأربعة الآنفة الذكر عند الجمهور، وقلنا إنَّ ارتكاب المفسق يرفع العدالة، كما مرَّ في الفصل الأول.
كما أثبتنا أنَّ العدالة قد أُخذ في حدِّها (عدم البدعة)، أي أنَّ ارتكاب البِدعة منافٍ تماماً للعدالة ورافع لها.
فبعد كلّ هذه المقدّمات، نطبِّق ما سبق على موضوع بحثنا هنا - أعني خصوص النصب والنواصب - لنرى هل أنَّ الناصبي يمكن أن يُوصَف باِلعدالة أم لا؟!
لقد تقدَّم في أول هذا الفصل أنَّ الناصبي منافق بنص الشريعة، وتقدم أيضاً أنَّ حبَّ علي وأهل بيته عليهم السلام أمر قد حثَّت عليه الشريعة، ونهت عن خلافه، برواياتٍ كثيرة صحاح؛ إذ إنَّ أمير المؤمنين عليه السلام هو من أهل الإيمان الذين امر المسلمون بحبهم بالعموم، كما أنَّه وردت روايات - تمَّ عرضها - تأمر بحبِّه بالخصوص، وتثبت أنَّ حبَّه من الإيمان وبغضه من النفاق.
فعلى هذا، فالناصبي المبغض لعلي عليه السلام وأهل بيته، قد أتى بمحرَّمٍ مقطوع الحرمة، وترك واجباً مقطوع الوجوب، ومَن كان هذا حاله - بنص الشريعة المقدسة - كان فاسقاً لا محالة، مقطوع الفسق، ولذا نرى ابن عباس في الحديث الصحيح الذي مرَّ آنفاً، حَصَبَ الرجل الشامي السابّ لعلي عليه السلام نهياً له عن المنكر، وبياناً منه للناس وللحاضرين بالخصوص، على أنَّ هذا الساب قد أتى بمحرمٍ ومخالفة شنيعة للشريعة.
وقد أشار إلى هذا الأمر المهمّ الصنعاني صراحة بقوله:
... أمّا النصب، فعرفت من رسمه عن القاموس أنَّه التديّن ببغض علي، فالمتَّصف به مبتدع شر ابتداع أيضاً، فاعل لمحرمٍ تارك لواجب، فإنَّ محبة علي مأمور بها عموماً وخصوصاً، أمّا الأوّل، فلأنَّه داخل في أدلّته إيجاب محبة أهل الإيمان.
وأمّا الخاصّة، فأحاديث لا يأتي عليها العدُّ آمرة بحبّه، ومخبرة بأنَّه لا يحبّه إلاّ مؤمن، ولا يبغضه إلاّ منافق، وقد أودعنا الروضة الندية، شرح التحفة العلوية 1 من ذلك شطراً من الأحاديث بحمد الله، معزوّة إلى محله، مصحَّحة ومحسنة.