35
وهم: إبراهيم بن هطمان...، يونس بن بكير، وهؤلاء رُموا بالإرجاء، وهُو تأخير القول في الحكم على مرتكب الكبائر بالنار، إسحاق بن سويد العدوي، بهز بن أسد...، قيس بن أبي حازم، هؤلاء رُموا بالنصب، وهو بغض علي، وتقديم غيره عليه. 1
وواضح من قوله «رُميَ ببدعته» أنَّ النصب، الذي ذكره لاحقاً، من البِدع المؤاخذ عليها صاحبها.
فثبت إلى هنا أنَّ الناصبي فاسق ومبتدع، وكلا الأمرين ينافيان العدالة قطعاً.
لذلك قال ابن حجر العسقلاني:
فصل: في تمييز أسباب الطعن في المذكورين، ومنه يتضح مَن يصلح منهم للاحتجاج به ومَن لا يصلح، وهو على قسمين:
الأوَّل: مَن ضعف بسبب الاعتقاد، وقد قدّمنا حكمه، وبينّا في ترجمة كل منهم أنَّه ما لم يكن داعية، أو كان وتاب، أو اعتضدت روايته بمتابع، وهذا بيان ما رموا به، فالإرجاء بمعنى...، والتشيّع محبة علي...، والنصب بغض علي وتقديم غيره عليه... وهذه أسماؤهم... إسحاق بن سويد العدوي رمي بالنصب.... 2
وواضح من كلام ابن حجر هذا أنَّ النصب أحد الأمور التي توجب الطعن في الراوي، ولا يهمّنا هنا كيفية الإجابة والدفاع عن ذلك، أو التفصيل بين الداعية وغيره - ممّا سيأتي بسط الكلام فيه - بل المهم في المقام إثبات كون النصب من البدع الموجبة للطعن في الراوي، وتخدش بأحد أهم الشروط الواجب توفرها في الراوي.
فثبت بذلك أنَّ توثيق الناصبي يناقض تماماً ما اتفقوا وأجمعوا عليه، من اشتراط العدالة في الراوي واشتراط عدم البدعة فيه؛ لأنَّ النصب ذنب محرم وبدعة مفسقة، فكيف يتلائم اشتراط العدالة مع تعديل الفاسق المبتدع؟!
وقد أشار إلى هذا التناقض الواضح محمد بن إسماعيل الصنعاني تحت عنوان (اشتراط العدالة في رسم الصحيح والحسن)، فقال هناك: