24وإن شئت قلت: تخصيص تعلّق الإرادة بجمع خاص، يمنع من تفسير الإرادة بالإرادة التشريعية الّتي عمّت الأُمّة جميعاً.
وبعبارة ثالثة: لو كانت الإرادة تشريعية، لما احتاج إلى إبراز العناية بصور مختلفة الواردة في الآية، فإليك بيان تلك العناية:
أ. ابتدأ سبحانه كلامه بلفظ الحصر، (إنّما) ولا معنى له إذا كانت الإرادة تشريعية؛ لأنّها غير محصورة بأناس مخصوصين.
ب. عيّن تعالى متعلّق إرادته بصورة الاختصاص، فقال: (أهل البيت) أي أخصّكم أهل البيت.
ج. قد بيّن متعلّق إرادته بلفظة «عنكم» وقال: ( لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ) .
د. قد أكدّه أيضاً بالإتيان بمصدره بعد الفعل وقال: ( وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ، ليكون أوفى في التأكيد.
ه-. أنّه سبحانه أتى بالمصدر نكرة، ليدلّ على الإكبار والإعجاب، أي تطهيراً عظيماً معجباً.
و. أنّ الآية في مقام المدح والثناء، فلو كانت الإرادة إرادة تشريعية لما ناسب الثناء والمدح.
وعلى الجملة: العناية البارزة في الآية تدلّ بوضوح على أنّ الإرادة هناك غير الإرادة العامّة المتعلّقة لكلّ إنسان حاضر أو باد.
وبذلك نقول: تعلّقت إرادته سبحانه بتنزيههم عن القبيح والعصيان كما تعلّقت إرادته بعصمة الأنبياء: عن الذنب والعصيان، وقد ثبت في محلّه أنّ العصمة لا تخالف الاختيار، وذلك لأنّ القدرة والتمكّن على فعل المعصية ثابتان للمعصوم، إلاّ أنّ العصمة تصدّه عن ذلك، فهذا يوسف كان قادراً على