18الانتسابات، من انتساب الأفعال والأعضاء والبدن بأكمله؟
وبما أنّ كلّ قضية تتركّب من موضوع ومحمول، فبداهة العقل تحكم بأنّ لهذه المحمولات موضوعاً وإن لم يكن مرئياً إلّا أنّنا ندركه من خلال هذه المحمولات.
وبعبارة واضحة: أنّ الأفعال البشرية رغم صدورها من أعضاء مختلفة كالإبصار بالعين، والرفع باليد، والمشي بالرجل، والسمع بالأُذن، فالإنسان ينسبها جميعاً إلى مصدر واحد، فيقول:
«أنا شاهدت»، «أنا مشيت» و «أنا سمعت» كما ينسب كلّ عضو من جسمه إلى مصدر كذلك، فإذن تتطّلب هذه المحمولات موضوعاً واحداً لنفسها، حتىٰ لا تكون القضية مجرّد انتسابات بلا موضوع، وعندئذ يكون هذا المصدر الواحد هو الشخصية الواقعية للإنسان التي نعبرّ عنها بروحه ونفسه.
فالنتيجة: أنّ الشخصية الإنسانية تكمن وراء جسمه وصورته الظاهرية.
ب - ثبات الشخصية الإنسانية في دوّامة التغييرات الجسدية:
إنّ كل واحد منّا يحس بأنّه باقٍ في دوّامة التغيرّات والتحوّلات التي تطرأ علىٰ جسمه، فمع أنّه تمرّ عليه أحوال كثيرة وتبدّلات جوهرية خلال مراحل الطفولة، والصّبا، والشباب، والشيخوخة، إلا أنّه يجد أنّ شيئاً واحداً ينسب إليه جميع هذه الصفات والحالات وهو باق خلال هذه التغييرات، غير متغير.
فيقول: أنا الذي كنت طفلاً، ثم يافعاً، ثم شاباً، ثم كهلاً، ثم شيخاً،