243الراسخون، و العرفاء الشامخون، و لا تنكشف أستارها، و كنوزها لعامة الناس، بل و لا يتصورها بلمح الخيال أحد منهم.
و أما العامة: فهي الواضحة المكشوفة التي يستطيع كل متفكر و متدبر أن يعرفها و يتوصل إليها، و أعظمها و أهمها و أجلى المصالح و الأهداف التي يرمي إليها، و يتطلبها على الظاهر المكشوف، و التي يدركها كل ذي شعور، هي الناحية الاجتماعية.
و من المعلوم أنّ الإسلام دين اجتماعي، و قد أعطى للنواحي الاجتماعية أعظم الأهمية، فشرّع صلاة الجماعة في مسجد المحلة كل يوم ثلاث مرات، أو خمس، و صلاة الجمعة في المسجد كل أسبوع، و صلاة العيدين لعموم أهل كل بلد و ضواحيها كل سنة مرتين، و لم يكتف بذلك كله حتى دعى إلى مؤتمر عام بجميع أهل الحجى، و الثروة، و الطبقة الراقية، مالا و عقلا، من المسلمين المتفرقين في أقطار الأرض الشاسعة في صعيد واحد، ليتعارفوا أولا، فإذا تعارفوا تآلفوا، و إذا تآلفوا تكاتفوا و صار كل واحد منهم قوة للآخر، يتفقد شؤونه، و يشاركه في سرّائه و ضرّائه، و نعيمه و شقائه، فتكون من ذلك للمسلمين قوة هائلة، لا تقاومها كل قوة في العالم.
أذكر أني عام (1330) هأعني قبل إحدى و أربعين سنةلما تشرفت للحج اجتمعت على ربوة 1مساء حول مسجد الخيف بجماعة من الحجاج، فكان فيهم الصيني، و المراكشي، و اليماني، و العراقي، و الهندي، و كان فيهم من يحسن أكثر اللغات، فانجرّ الحديث إلى الحج و منافعه و فوائده، مع كثرة متاعبه،