690
مقدّمة في آداب السفر ومستحبّاته لحجّ أو غيره
وهي اُمور:
أوّلها - ومن أوكدها -: الاستخارة؛ بمعنىٰ طلب الخير من ربّه، ومسألة تقديره له عند التردّد في أصل السفر أو في طريقه أو مطلقاً، والأمر بها للسفر وكلّ أمر خطير أو مورد خطر مستفيض، ولاسيّما عند الحيرة والاختلاف في المشورة، وهي الدعاء لأن يكون خيره فيما يستقبل أمره، وهذا النوع من الاستخارة هو الأصل فيها، بل أنكر بعض العلماء ما عداها ممّا يشتمل على التفؤّل والمشاورة بالرقاع والحصىٰ والسبحة والبندقة وغيرها؛ لضعف غالب أخبارها؛ وإن كان العمل بها للتسامح في مثلها لا بأس به أيضاً، بخلاف هذا النوع؛ لورود أخبار كثيرة بها في كتب أصحابنا، بل في روايات مخالفينا أيضاً عن النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم الأمر بها والحثّ عليها. وعن الباقر والصادق عليهما السلام: «كنّا نتعلّم الاستخارة كما نتعلّم السورة من القرآن» . وعن الباقر عليه السلام: «أنّ عليّ بن الحسين عليه السلام كان يعمل به إذا همّ بأمر حجّ أو عمرة أو بيع أو شراء أو عتق» . بل في كثير من رواياتنا النهي عن العمل بغير استخارة، وإنّه من دخل في أمر بغير استخارة ثمّ ابتلى لم يؤجر. وفي كثير منها: «ما استخار اللّٰه عبد مؤمن إلّاخار له، وإن وقع ما يكره» ، وفي بعضها: «إلّا رماه اللّٰه بخير الأمرين» ، وفي بعضها: «استخر اللّٰه مائة مرّة، ثمّ انظر أجزم الأمرين لك فافعله، فإنّ الخيرة فيه إن شاء اللّٰه تعالىٰ» ، وفي بعضها: «ثمّ انظر أيّ شيء يقع في قلبك فاعمل به» ، وليكن ذلك بعنوان المشورة من ربّه، وطلب الخير من عنده، وبناء منه أنّ خيره فيما يختاره اللّٰه له من أمره.
ويستفاد من بعض الروايات أن يكون قبل مشورته؛ ليكون بدء مشورته منه سبحانه، وأن يقرنه بطلب العافية، فعن الصادق عليه السلام: «وليكن استخارتك في عافية فإنّه ربما خير للرجل في قطع يده، وموت ولده، وذهاب ماله» ، وأخصر صورة فيها أن يقول: «أستخير اللّٰه برحمته» ، أو «أستخير اللّٰه برحمته خيرة في عافية» ، ثلاثاً أو سبعاً أو عشراً أو خمسين أو سبعين أو مائة أو مائة مرّة ومرّة، والكلّ مرويّ، وفي بعضها في الاُمور العظام مائة، وفي الاُمور اليسيرة بما دونه، والمأثور من أدعيته كثيرة جدّاً.
والأحسن تقديم تحميد وتمجيد وثناء وصلوات وتوسّل وما يحسن من الدعاء عليها،