687
كتاب الحجّ
الذي هو أحد أركان الدين ومن أوكد فرائض المسلمين، قال اللّٰه تعالىٰ: «وللّٰه على النّاس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلاً» . غير خفيّ على الناقد البصير ما في الآية الشريفة من فنون التأكيد، وضروب الحثّ والتشديد، ولاسيّما ما عرّض به تاركه؛ من لزوم كفره وإعراضه عنه بقوله عزّ شأنه: «ومن كفر فإنّ اللّٰه غنيّ عن العالمين» . وعن الصادق عليه السلام في قوله عزّ من قائل: «من كان في هذه أعمىٰ فهو في الآخرة أعمىٰ وأضلّ سبيلاً» ذاك الذي يسوّف الحجّ؛ يعني حجّة الإسلام حتّىٰ يأتيه الموت، وعنه عليه السلام: «من مات وهو صحيح موسر لم يحجّ، فهو ممّن قال اللّٰه تعالىٰ: «ونحشره يوم القيامة أعمىٰ» ، وعنه عليه السلام: «من مات ولم يحجّ حجّة الإسلام؛ لم يمنعه من ذلك حاجة تحجف به، أو مرض لايطيق فيه الحجّ، أو سلطان يمنعه، فليمت يهوديّاً أونصرانيّاً» ، وفيآخر: «من سوّف الحجّ حتّىٰ يموت، بعثه اللّٰه يوم القيامة يهوديّاً أو نصرانيّاً» ، وفي آخر: «ما تخلّف رجل عن الحجّ إلّابذنب وما يعفو اللّٰه أكثر» ، وعنهم عليهم السلام مستفيضاً: «بني الإسلام علىٰ خمس:
الصلاة والزكاة والحجّ والصوم والولاية» .
والحجّ فرضه ونفله عظيم فضله، خطير أجره، جزيل ثوابه، جليل جزاؤه، وكفاه ما تضمّنه من وفود العبد علىٰ سيّده، ونزوله في بيته ومحلّ ضيافته وأمنه، وعلى الكريم إكرام ضيفه وإجارة الملتجئ إلىٰ بيته، فعن الصادق عليه السلام: «الحاجّ والمعتمر وفد اللّٰه إن سألوه أعطاهم، وإن دعوه أجابهم، وإن شفّعوا شفّعهم، وإن سكتوا بدأهم، ويعوّضون بالدرهم ألف ألف درهم» ، وعنه عليه السلام: «الحجّ والعمرة سوقان من أسواق الآخرة اللازم لهما في ضمان اللّٰه، إن أبقاه أدّاه إلىٰ عياله، وإن أماته أدخله الجنّة» ، وفي آخر: «إن أدرك ما يأمل غفر اللّٰه له، وإن قصر به أجله وقع أجره على اللّٰه عزّ وجلّ» ، وفي آخر: «فإن مات متوجّهاً غفر اللّٰه له ذنوبه، وإن مات محرماً بعثه ملبّياً، وإن مات بأحد الحرمين بعثه من الآمنين، وإن مات منصرفاً غفر اللّٰه له جميع ذنوبه» . وفي الحديث: «إنّ من الذنوب ما