817
الحج، فانظره تحت الخط (1) .
الحنفيةقالوا: الاستطاعة هي القدرة على الزاد و الراحلة، بشرط أن يكونا زائدين عن حاجياته الأصلية: كالدين الذي عليه، و المسكن، و الملبس، و المواشي اللازمة له، و آلات الحرفة، و السلاح، و أن يكونا زائدتين عن نفقة من تلزمه نفقتهم مدة غيابه إلى أن يعود، و يعتبر في الراحلة ما يليق بالشخص عادة و عرفا، و يختلف ذلك باختلاف أحوال الناس، فالرجل الذي لا يستطيع الركوب على الأتان مثلا، أو حول سنام البعير، و لم يستطع أن يستأجر محملا، فإنه لا يجب عليه الحج، إذا لا يكون قادرا في هذه الحالة، و مثله من لا يستطيع أن يستأجر مركبا يركب عليه وحده، فلو قدر على راحلة مع شريك له؟ بحيث يتعاقبان الركوب عليها، فيمشي كل منهما تارة، و يركب أخرى، فإنه لا يعتبر قادرا، و لا يجب عليه الحج.
هذا إذا كان بعيدا عن مكة بثلاثة أيام فأكثر، أما من كان قريبا منها، فإنه يجب الحج عليه، و إن لم يقدر على الراحلة، متى قدر على المشي، و على الزاد الفاضل عما تقدم.
و من شروط الوجوب: العلم بكون الحج فرضا بالنسبة لمن كان في غير بلد الإسلام، فمن نشأ في غير بلد الإسلام، و لم يخبره بفرضية الحج رجلان، أو رجل و امرأتان، فلا يجب عليه الحج، أما من كان في دار الإسلام، فإنه يجب عليه الحج، و لو لم يعلم بفرضيته، سواء نشأ مسلما أو لا.
هذه هي شروط وجوب الحج عند الحنفية، و هناك شروطا أخرى يقال لها: شروط الأداء ، لأن الحنفية يفرقون بين الوجوب و بين الأداء، كما تقدم في «مباحث الصلاة» ، و هذه الشروط أربعة: أحدها سلامة البدن، فلا يجب على مقعد، و مفلوج، و شيخ لا يثبت على الراحلة و نحو ذلك، و هؤلاء لا يجب عليهم تكليف غير هم بالحج عنهم أيضا، و يلحق بهم المحبوس و الخائف من السلطان الذي يمنع الناس من الحج، أما الأعمى القادر على الزاد و الراحلة، فإن لم يجد قائدا للطريق، فإنه لا يجب عليه الحج بنفسه، و لا بغيره، و إن وجد قائدا وجب عليه أن يكلف غيره بالحج عنه: ثانيها: أمن الطريق بأن يكون الغالب فيه السلامة، سواء كان ذلك بحرا أو برأ، ثالثها: وجود زوج أو محرم للمرأة، لا فرق بين أن تكون المرأة شابة أو عجوز إذا كان بينها و بين مكة ثلاثة أيام، فأكثر، أما إذا كانت المسافة أقل من ذلك، فيجب عليها أداء الحج و إن لم يكن معها محرم و لا زوج، و المحرم هو الذي لا يحل له زواجها بسبب النسب، أو المصاهرة، أو الرضاع، و يشترط فيه أن يكون مأمونا عاقلا بالغا. و لا يشترط كونه مسلما، رابعها: عدم قيام العدة في حق المرأة، فلا تخرج إلى الحج إذا كانت معتدة من طلاق أو موت.
المالكيةقالوا: الاستطاعة هي إمكان الوصول إلى مكة و مواضع النسك إمكانا ماديا، سواء كان ماشيا أو راكبا، و سواء كان ما يركبه مملوكا له أو مستأجرا، و يشترط أن لا تلحقه مشقة عظيمة بالسفر، فمن قدر على الوصول مع المشقة الفادحة، فلا يكون مستطيعا، و لا يجب عليه الحج، و لكن لو تكلفه، و تجشم المشقة أجزأه و وقع فرضا، كما أن من قدر على الحج بأمر غير معتاد: كالطيران و نحوه و لا يعد مستطيعا، و لكن لو فعله أجزأه، و يعتبر أيضا في الاستطاعة الأمن على نفسه و ماله، فمن لم يأمن على نفسه لا يجب عليه الحج، و كذا من لم يأمن على ماله من ظالم، لا يجب عليه إلا إذا كان الظالم واحدا، و كان يأخذ قليلا