17
يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبٰادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دٰاخِرِينَ (غافر: 60). فالاستجابة منه فرع دُعائه، وقد جعل دُعاءه عبادة له، ودليلاً على تواضع العبد وعبوديّته، وفي ذلك يقول الإمام زين العابدين (عليه السلام): «
فسمَّيتَ دُعاءَك عبادة، وتَرْكَه استكباراً، وتوعَّدتَ على تركه دخول جهنّم داخرين » 1، وما يهمُّنا في المقام أمران، وهما:
الأول: أنّه لا بُخل في ساحته المقدّسة جزماً، وأنّه لا تنفد خزائنه البتّة، وأنّى يكون له البخل وهو غنيٌّ عمَّا سواه، وأنّى تنفد خزائنه وهو المالك الأوحد؛ قال تعالى: أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّٰهَ لَهُ مُلْكُ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ وَ مٰا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللّٰهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لاٰ نَصِيرٍ (البقرة: 107).
الثاني: أنّ الفيض الإلهي لا ينقطع أبداً، فمَن عرف السبيل نهل منه اختياراً بقدره، ومن لم يعرف لم ينقطع عنه ما يحفظه، والفرق هو أنّ الأوّل في سير تكامليّ يُتفاضل فيه، والآخر في سير اضطراريّ لا تفاضل فيه.
صفات الداعي له (موضوع الدعاء)
وهو المقصودُ بتحقيق المطلوب له، والمُسمَّى في علم أُصول الفقه بالموضوع، كقولهم: (أكرم العلماء)، فهنا جملة (أكرم) جاءت على صيغة الأمر، فيقولون إنَّ مُتعلق الأمر هو نفس الإكرام، وموضوع الأمر هو العلماء، أي الذي ينصبُّ عليه الإكرام، ونحن في أدعيتنا عندما نقول على سبيل المثال: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ لِوٰالِدَيَّ وَ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنٰاتِ وَ لاٰ تَزِدِ الظّٰالِمِينَ إِلاّٰ تَبٰاراً (نوح: 28)، فإنّ الداعي هو مُنشئ