18هذه الجملة أو القائل بها، وإنَّ المدعوّ هو الربُّ والفاعل في صيغة (اغْفِرْ)، وإنَّ طلب الغفران أو المغفرة هو متعلّق الدعاء، وإنّ كلاً من نفس الداعي الوارد بكلمة: لِي ، والمعطوف الأوّل: وَ لِوٰالِدَيَّ والمعطوف الثاني: وَ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنٰاتِ هم موضوع الدعاء، أي المقصودين بتحقيق المطلوب له، والكلام هو الكلام في ذيل هذا الدعاء، وهو وَ لاٰ تَزِدِ الظّٰالِمِينَ إِلاّٰ تَبٰاراً ، فإنَّ الداعي هو المُنشئ، والمدعوّ هو الله جلَّ وعلا، وإنَّ موضوع الدعاء هم الظالمون، وإنَّ متعلّق الدعاء هو حصر الزيادة للظالمين بالتَّبار، أي: بالهلاك والخسران في الدنيا والآخرة.
إذن، فالداعي له هو المقصودُ بتحقيق المطلوب له، وهذا المقصود لابدَّ من توفّر صفات فيه ليكون مُستحقّاً لدعائنا له، فإنْ كان هو نفس الداعي- وهو الحاصل عادةً- فلا يُشترط فيه شيء سوى كونه مؤمناً بالله تعالى، وإلّا سوف يكون الدعاء سالباً بانتفاء الموضوع، فضلاً عن كون الدعاء عبادة كما تقدّم منا، وأنَّ العبادة تتوقّف على النيّة، والنيّة لا تتأتَّى من الكافر.
وإنْ كان الداعي له هو غير الداعي نفسه - وهو ما يحصل كثيراً ولو بالعطف والتبع، كما في المثال المتقدّم- فيُشترط فيه أمران، هما:
الأمر الأول: أن لا يكون كافراً، ومن باب أولى أن لا يكون ناصبياً، فالناصبي ألعن من الكافر نفسه، كما أنَّ المنافق ألعن من الكافر أيضاً، بل إنَّ الناصبي ألعن من المنافق والكافر معاً.
وقد ورد في عدم صحَّة الدعاء للكافر قرآنياً ما تقدّم في الآية