289منه في سائر الموارد، و المساواة و الموازنة إنما تستفاد من هيئة التفاعل، و أما قارض الناس ما قارضوك فالمساواة فيه إما مستفادة من هيئة المفاعلة إن قلنا: بإفادتها اشتراك الفاعل و المفعول في الفعل في المقام كما هو الحال في أغلب موارد استعمالاتها و إلا فمن تركيب الكلام و هيئته التركيبية كما يستفاد ذلك من قولك: عاقب الناس ما عاقبوك و آخذهم ما آخذوك و هكذا، فالتعبير بالقراض لا يكون لا بالاعتبار الأول.
و لكن الأولى في وجه أخذه منه أن يقال: إن تنزيل العمل منزلة المال لما أوجب قطعه و قرضه عن محله الأصلي من كونه موجبا للأجرة لا الشركة و هو مستتبع لقرض المال عن محله أيضا من تبعية النماء كله له فكل من المالك و العامل مقارض للآخر في المال و العمل، و لما كان الأصل في ذلك المالك فهو مقارض و العامل مقارض، و يمكن أن يكون التعبير بالمضاربة من هذا الباب أيضا فإن المالك لما ضرب عمل العامل منزل ماله و استتبع منه ضرب المال و تنزله منزلة غير منزلته الأولية فكل منهما مضارب للآخر في المال و العمل باعتبار تعلقهما بهما، و لكن التعبير بالمضارب بصيغة الفاعل عن العامل لا يلائمه و إنما الملائم له أخذه من الضرب في الأرض كما ذكره (قدس سره) .
إذا اتضح لك ذلك اتضح لك أن التعبير بالقراض الذي هو لغة أهل الحجاز أو في بحقيقته من التعبير بالمضاربة التي هي لغة أهل العراق.
و أما المقام الثاني [في أنه هل هو من العقود الصحيحة عرفا و شرعا أم لا]
فقد اختلف فيه كلماتهم فالمحكي عن المفيد و الشيخ في النهاية و سلار و ابن البراج (قدس سرهم) الحكم بعدم صحتها و استحقاق العامل أجرة المثل لا الحصة لجهالة العوض، و المشهور صحتها بل قيل عليه إجماع المسلمين و التحقيق ما ذهب إليه الأكثر من أنه صحيح لموافقتها مع الأصل و دلالة الدليل عليها.
أما الأصل فلما عرفت من أن مرجعه إلى تنزيل العمل منزلة المال و هو أمر معقول ممكن الوقوع و لا ينافيه القواعد المعتبرة، فالأصل حينئذ صحته و انعقاده