8الشرك بالله تعالى، بل الجميع كما حكى لنا القرآن الكريم عنهم يقولون: (يٰا قَوْمِ اعْبُدُوا اللّٰهَ مٰا لَكُمْ مِنْ إِلٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخٰافُ عَلَيْكُمْ عَذٰابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) . 1
ولكن الجدير بالإشارة هو أنّ ما جاء به الدين الإسلامي في الدعوة إلى التوحيد له، ميزة فريدة، خصوصاً إذا ما رجعنا إلى كلام أئمة الهدى من آل النبي(ص) في توضيح معالم التوحيد القرآني وما يرتبط به من مسائل خاصّة، ولاسيما فيما يرتبط ببيان مراتب التوحيد الذاتي والأفعالي والصفاتي كما سيعرفنا بها هذا الكتاب الذي خصص البحث فيه عن أصل التوحيد في مدرسة أهل البيت(عليهم السلام)، حيث انتهجنا في بحث فصوله منهجاً تكاملياً بهدف إيقاف القارئ على التراث الثري لمدرسة أهل البيت(عليهم السلام) بخلاف المدارس الفكرية الإسلامية الأخرى، التي انحرفت كثيراً عن المسار الصحيح عندما تركت العمل بوصية النبي(ص) في حديث الثقلين الذي أمرها بوجوب التمسك بالكتاب العزيز والعترة الطاهرة من آله(ص).
وقد جاء هذا الكتاب في مدخل تضمن البحث فيه ذكر ثلاثة أمور مهمّة، الأول منها في بيان وجوب المعرفة وأقسامها، والثاني عقلانية الدين الإسلامي، والثالث دور التوحيد في بلوغ أعلى درجات الكمال الإلهي، ثمّ تخصص البحث في الفصل الأول عن بيان أهم المباحث العامة والتمهيدية، من قبيل التعريف بمعنى التوحيد في اللغة والاصطلاح والقرآن، ثمّ بيان فطرية التوحيد ودور الأنبياء في إرسائه كأفضل عقيدة حقّة، وأما الفصل الثاني فقد تعرضنا فيه إلى بيان مراتب التوحيد الذاتي والأفعالي والصفاتي، ثمّ خصصنا البحث في باقي الفصول الأخرى بما يرتبط ببحث الصفات الإلهية، فكان الفصل الثالث حول بيان الصفات الثبوتية لله تعالى، والفصل الرابع في بيان الصفات الخبرية والنظريات المطروحة فيها، أي تلك الصفات التي جاء ذكرها ونسبتها إلى الله تعالى في الوقت الذي لا يصحّ حملها عليه بحسب الظاهر كاليد والوجه والساق ونحوها، وأمّا الفصل الخامس فقد تطرقنا فيه إلى بيان معنى الصفات السلبية ورأي أئمة الهدى(عليهم السلام) وعلماء الإمامية في ذلك.