14و يعود ثابت الفطرة التوحيدية الشاملة الى ان الله شاء أن يكون الكائن الانساني «فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ» و لا يعتري الفطرة التوحيدية أي نقص أو عيب، لذلك فان المشيئه تقتضي بقاء هذه الفطرة و ثباتها. كما لايملك غيرالله سبحانه قدرة على التأثير في نظام خلقه الانسان، لذلك قال سبحانه بلغة الرفض المطلق: «لاٰ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللّٰهِ..» .
من هنا فان سبيل وحدة البشرية و اتحاد المجتمعات الانسانية ينحصر في محور الفطرة التوحيدية، لانها امر عيني و تكويني لاتوافقي، و عنصر خالد و ثابت لا تنطلق من خصائص اقليمية، لتتغير بتغير هذه الخصائص، و لا تنحصر بزمان خاص لتزول بزوال ذلك الزمان، و لا تقع عرضة للاحداث لتبلى، بل هي باستمرار تطل على الزمان و المكان، و تتعالى على كل الأعراف و التقاليد و السنن القومية والاقليمية: ذلك لأن روح الانسان مجرّدة، وفطرته التوحيدية الممتزجة بوجوده منزّهة من المادة و مبرّأة من القوانين الحاكمة على الطبيعة و التاريخ. من هنا فان هذه الفطرة لاتتبع في جوانب السلب و الايجاب و الرفض و القبول القوانين و القواعد و الاصول المادية. لانها ليست من سنخ المادة (أولا) و هي اكمل منا (ثانيا). لذلك فانها خارجة عن اطار المادة و عن تأثيرها المباشر و الأصيل. لذلك قال سبحانه:
«وَ أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، لَوْ أَنْفَقْتَ مٰا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مٰا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» .(الانفال/ 63).
و يلاحظ في الآية الكريمة اسمان من أسماء الله الحسنى