٧من أعراب نجد ممن انتحل دعوة الشيخ و آمن بعقيدته.
وهكذا انطلقت الفتوحات من جديد لجهاد الكفار و المشركين من المسلمين الذين يشهدون الشهادتين و يصلّون و يصومون و يحجّون، و يرفع الأذان بين ظهرانيهم خمس مرَّات في اليوم معلناً أن لا إله إلا الله و أنّ محمداً عبده و رسوله، و يتحاكمون للشريعة المنزلة، و يُقلِّدون المذاهب الفقهية و الأصولية الإسلامية المعروفة و المعتمدة.
وفي غفلة من سلطة الإمبراطورية العثمانية - المسيطرة آنذاك على الجزيرة العربية - التي أصابتها الشيخوخة و دبّ في أوصالها الضعف و الوهن، انطلقت الفتوحات الوهابية من قلب نجد باتجاه الحجاز وشمال الجزيرة وشرقها، حيث تمكَّن الجيش الوهابي من السيطرة على الحرمين الشريفين وعلى مساحات شاسعة في وسط الجزيرة و شمالها، وقتلوا في سبيل ذلك الآلاف من الرجال والنساء والشيوخ والأطفال، وسفكوا الدم الحرام، ونهبوا الأموال وحرقوا الزرع، وقطعوا الأشجار والنخيل، وفي طريقهم هدموا و دمَّروا كلّ ما وجدوه من قباب وأضرحة و مقابر جماعية و أماكن للعبادة يوجد فيها قبر أو أيّ أثر إسلامي يتبرَّك به المسلمون أو يقصدونه للزيارة و الاعتبار.
وأهم هذه المزارات و الآثار قبور أئمة أهل البيت(عليهم السلام) و الصحابة التابعين و العلماء الصالحين، و قبور أمهات المؤمنين و الشهداء، خصوصاً مقبرة البقيع في المدينة المنورة التي هجموا عليها في الثامن من شهر شوال سنة ١٣۴۴ ه- . / ١٩٢۶م ، فهدموا قبابها و قبورها و تركوها قاعاً صفصفاً، أحجاره مبعثرة كأن زلزالاً قد ضرب المكان، لم يعرف قبر صحابي من قبر تابعي أو شهيد أو عالم.
و كانوا، قبل ذلك قد أغاروا على مدينة كربلاء المقدّسة جنوب العراق، و قصدوا ضريح الإمام الشهيد الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام)، فهدموا قبة الضريح و المنابر لأنهم كانوا يظنون أنها مبنية بالذهب و الفضة، بعدما قتلوا - كما يقول مؤرّخهم ابن بشر- : «غالب أهلها في الأسواق و البيوت» (أكثر من أربعة آلاف مسلم من الرجال و النساء و الشيوخ و الأطفال). ثم هربوا عائدين إلى صحاريهم في نجد يحملون معهم الغنائم و الأسلاب و ما سرقوه نهبوه ظلماً و عدواناً، و تركوا وراءهم الخراب و الدمار و اليتامى و الثكالى المسلمات يبكين قتلاهنّ.
وأمام توارد الأخبار عن فداحة حجم الخسائر في الأرواح و الممتلكات و الآثار و معالم الحضارة الإسلامية في جزيرة العرب، قامت الحكومة العثمانية - آنذاك - بحملات عسكرية