28ولمّا تسنّم يزيد بن معاوية منصب الخلافة ونقض معاهدة الصلح التي أمضاها أبوه مع الحسن عليه السلام ، أتمّ الحجّة على الاُمّة بأن وعظهم وحذّرهم غِبّ العاقبة ، فلم يتّعظوا ، فأصبح الحقّ طريداً ، وصار الباطل حبيباً ، فرأى أنّ شجرة الدين لا يرويها إلّاعبيط الدم ، فقدّم نفسه الزكيّة فداء للشريعة المحمّديّة ، ونادى : «
إن كانَ دينُ مُحَمَّدٍ لَم يَستَقِم إلّا بِقَتلي فَيا سُيوفُ خُذيني» 1 ، فضحّى بالغالي والنفيس ، وقدّم أعزّة أهله وولده وخيرة أصحابه وشيعته قرابين للّٰهتعالى في أرض كرب وبلاء ؛ من أجل رفع راية الحقّ في سماء المجد ، فصار رمزاً للتضحية ، ومناراً للتحرّر من قيود الظلم والجور ، ومشعلاً للهداية على مرّ العصور . وقد توازر عليه من جيش الضلال آلاف مؤلّفة ، خدعتهم دنيا غرور ، وهم يعلمون أنّه سبط الرسول ، وأنّ له حقّ مودّة القربى من الرسول الذي جعل مودّة قرباه أجر تبليغ رسالته «قُلْ لاٰ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبىٰ » 2 .