4الفقراء والاغنياء والصغار والكبار جنباً إلى جنب ، يراهم قد باتوا في سبات عميق وصمت مخيف، قد سلبت عنهم قدراتهم وأموالهم، وما سخروه من الخدم، ولم يأخذوا معهم إلّاالكفن .
وهذه النظرة تدهش الإنسان وتدفعه إلى التفكير في مستقبله ومصيره وربّما يحدث نفسه بأن حياة هذه عاقبتها، وأياماً هذه نهايتها لا تستحق الحرص على جمعه للأموال، والاستيلاء على المناصب والمقامات، خصوصاً فيما لو كان الزائر موحدّاً مصدِّقاً بالمعاد، وانّه سوف يحاسب بعد موته على أعماله وافعاله وما اكتنز من الكنوز واقتنىٰ من الأموال وتسلم من مناصب، فهل كان ذلك عن طريق مشروع دون أن يكون فيه هضم للحقوق وتجاوز على الاعراض والنفوس .
هذا هو الأثر التربوي لزيارة القبور على الاطلاق سواء أكان القبر للأنبياء أو الأولياء أو للارحام والاصدقاء أو لم يكن واحداً منهم وإلى هذا الأثر التربوي يشير الرسول صلى الله عليه و آله و سلم في الحديث المروي عنه: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة» . 1 وفي حديث آخر قال صلى الله عليه و آله و سلم :
«زوروا القبور فان لكم فيها عبرة».
فقد اشار الإمام الهادي عليه السلام في الابيات التي أنشدها للمتوكل العباسي إلى العبرة التي يجب أن يأخذ كل إنسان واع.
روى المسعودي بانّه سُعيّ إلى المتوكل بالإمام علي الهادي عليه السلام وقيل له: إنّ في منزله سلاحاً وكتباً وغيرها من شيعته، فوجّه إليه ليلاً من الأتراك وغيرهم من هجم عليه في منزله على غفلة ممّن في داره، فوجد في بيت وحده مغلّق عليه وعليه مدرعة من شعر، ولا بساط في البيت إلّاالرّمل والحصى، وعلى رأسه ملحفة من الصّوف، متوجّهاً إلى ربّه يترنّم بآيات من القرآن، في الوعد والوعيد، فأُخذ على ما وجد عليه وحمل إلى المتوكّل في جوف اللّيل، فَمَثُل بين يديه والمتوكّل يشرب وفي يده كأس، فلمّا رآه أعظمه وأجلسه إلى جنبه ولم يكن في منزله شيء ممّا قيل فيه، ولا حالة يتعلّل عليه بها، فناوله المتوكّل الكأس الّذي في يده، فقال عليه السلام له: «ما خامر لحمي ودمي قطّ فاعفني منه» فعافاه وقال: أنشدني شعراً استحسنه، فقال عليه السلام : «إنّي لقليل الرّواية للأشعار» فقال:
لابدّ أن تنشدني فأنشده عليه السلام : بٰاتُوا علىٰ قُلَلِ الأجبال تَحْرِسُهُمْ