3
الفصل الأوّل:الزيارة وآثارها البنّاءة في الكتاب والسنة
الزيارة - لغة - بمعنى القصد، فقد جاء في «المصباح المنير»: زاره، يزوره، زيارة، وزوراً:
قصده، فهو زائر . 1 والمزار يكون مصدراً، أو موضع الزيارة، والزيارة في العرف قصد المزور إكراماً له واستئناساً به.
وربّما تطلق الزيارة في ألسن العامة على ما يقرأه الزائر أو يتكلم به مادحاً المزور وواصفاً له ومسلِّماً عليه، إلى غير ذلك من الكلمات والجمل الواردة في زيارة الأولياء وغيرهم.
إن صلة الإنسان بآبائه وأجداده وأرحامه وأصدقائه في حياتهم أمر واضح، وعندما يفترق عنهم مدة معينة يجد في نفسه شوقاً لزيارتهم والحضور عندهم والاستئناس بهم، ولذلك أمرنا اللّٰه سبحانه بصلة الارحام وحرّم قطع الرحم، وكأنّه بايجابه هذه الصلة أكد ما عليه الإنسان ذا الفطرة السليمة.
ثم إذا مات هؤلاء ودفنوا في مقابرهم لا يرضى الإنسان ان تنقطع صلته بهم ويجد في نفسه دافعاً إلى زيارة قبورهم، ولذا تراه يقوم بتعميرها وصيانتها حفاظاً عليها من الاندراس، كل ذلك نابع عن فطرة خلق الإنسان عليها.
ومن الواضح ان الدين الإسلامي لا يتعارض مع مقتضيات الفطرة بل انّه يضع أحكامه وفقها، ولذا أمر بالعدل والاحسان ونهى عن خلافهما، وهكذا سائر الاحكام الأساسية الواردة في الكتاب والسنة، والتي لا تتغير بمرور الزمان وتبقى سائدة ما دام للإنسان وجود على الأرض وشريعة الإسلام حاكمة قال سبحانه: «فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللّٰهِ الَّتِي فَطَرَ النّٰاسَ عَلَيْهٰا لاٰ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللّٰهِ ذٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَ لٰكِنَّ أَكْثَرَ النّٰاسِ لاٰ يَعْلَمُونَ » 2.
الآثار الايجابية للزيارة
حينما يطل الإنسان بنظره على وادي الصمت (المقابر) يرى عن كثب وادياً يضم أجساد