69على الإنسان إلاّ أن يضع نفسه في مواضع جوده وكرمه وإحسانه وعطائه تبارك وتعالى،وهذه حقيقة من حقائق العلاقة بين الله تعالى وعباده،وهذه الحقيقة تفتح على الإنسان أبواباً من المعرفة.
فكما نحتاج نحن إلى رحمة الله تعالى وفضله يحبّ الله تعالى أن يجود برحمته وفضله على عباده؛وهذه العلاقة قائمة بين كلّ غني وفقير؛ولا تقلّ حاجة الغني إلى العطاء والكرم عن حاجة الفقير إلى الغني،في حالة سلامة الفطرة.
والله تعالى غني عن عباده،وغناه في ذاته،فلا يحتاج عبادَه وخلقه في شيء،ولكنّه يحبّ أن يجود عليهم،ويكرمهم،ويعطيهم من فضله ورحمته،كما نحتاج نحن إلى رحمته وفضله وجوده.
وهذا هو سرّ دعوة الله لعباده بالإقبال عليه،والدخول في رحاب ضيافته،والوقوف على أبواب رحمته،في شهر ذي الحجة،في عرفات،عند بيته المحرّم،وفي شهر الصيام،فيدعو الله تعالى عباده لدعائه; ليستجيب لهم برحمته وفضله.
وهذه الألطاف من سنن الكرم الإلهي؛يقول تعالى: (B ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) فتحل دعوة العبد،في هذه الآية الكريمة بين دعوة الله تعالى واستجابته.
فالله عزّ شأنه يدعو عباده لدعائه ليستجيب لهم (B ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) ،فيقع دعاء العبد بين«دعوته»تعالى له بالدعاء،و«استجابته»سبحانه لدعائه.
والله عزّ شأنه يحبّ دعاء عباده،ويشتاق إلى مناجاتهم،ويحب الاستجابة لدعائهم.
عن رسول الله(ص):«إنّ الله أحبّ شيئاً لنفسه،وأبغضه لخلقه،أبغض لخلقه المسألة،وأحبّ لنفسه أن يُسأل،وليس شيء أحبّ إلى الله-عزّ وجلّ-من أن يُسأل فلا يستحي أحدكم من أن يسأل الله من فضله،ولو شسع نعل» 1.