47في التأريخ.
إن المسلم الذي يحضر ضمن هذا الحشد الهائل من حجاج بيت الله الحرام...يلمس في الحج حجمه وعمقه ونفسه،فيلمس حجمه الحقيقي في الحشد الهائل الذي يقصد الحج من مختلف مناطق الأرض،ويلمس في الحج عمقه الحقيقي،عندما تذكره الكعبة وأجواؤها بجذوره التأريخيه الضاربة في أعماق التاريخ،ويشعره الحج بأنه فرع من الشجرة الطيبة التي تضرب أصولها في أعماق الأرض،وفروعها في السماء،وأعظم من هذا كله أنّه يجد نفسه عند الكعبة عندما يتعرف على أصوله وأسرته وبيته.
وهذا هو البعد الأول من هذه المعرفة وهو بعد«الولاء».
والبعد الثاني هو بعد«البراءة»،فإن البيت الحرام كما يصل الإنسان بالله تعالى،وبأصوله وجذوره الممتدة في التأريخ،وبأسرة التوحيد الكبيرة على وجه الأرض،كذلك يقطعه عن المشركين ويفصل بينه وبين أسرة الكفر والشرك على وجه الأرض وفي التأريخ.
ففي رحاب الكعبة إذن يثوب الناس إلى أصولهم،وأسرتهم،وبيتهم،ويتميزون،وينفصلون عن المشركين والكفار.
يقول تعالى: (B وَ أَذٰانٌ مِنَ اللّٰهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النّٰاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللّٰهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ رَسُولُهُ ) . 13-والكعبة تؤمّن معيشة الناس،وتقوّم معايشهم في دنياهم،كما تُقوّم آخرتهم.
وهذه الحقيقة يذكرها الله تعالى لعبده وخليله إبراهيم(ع) عندما أمره أن يؤذِّن في الناس بالحج.