27هذا البيت،وفي هذا الموسم،وأبلغ ما في ذلك تعبير القرآن عن بيت الله بأنه بيت الناس: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّٰاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبٰارَكاً وَ هُدىً لِلْعٰالَمِينَ* فِيهِ آيٰاتٌ بَيِّنٰاتٌ مَقٰامُ إِبْرٰاهِيمَ وَ مَنْ دَخَلَهُ كٰانَ آمِناً وَ لِلّٰهِ عَلَى النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) . 1و من عجب أنّ الله تعالى يخصّ الناس-عباده-بأول بيت،وأشرف بيت،ويعلن عنه أنه بيت للناس،ثم يدعو الناس إليه: (Bوَ لِلّٰهِ عَلَى النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ) .
و في دعاء إبراهيم(ع) نجد أنّ إبراهيم،خليل الرحمن،عندما أودع أهله وذريته بهذا الوادي القاحل غير ذي زرع،دعا الله تعالى أن يجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم: (Bفَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النّٰاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَ ارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرٰاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) . 2و نقرأ في سورة البقرة: (وَ إِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثٰابَةً لِلنّٰاسِ وَ أَمْناً) . 3فالبيت مثابة للناس،يجتمع الناس حوله،ويثوب إليه الناس،ويجمع الناس من كل حدب وصوب،ثم نقرأ أننا في سورة المائدة:
(جَعَلَ اللّٰهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرٰامَ قِيٰاماً لِلنّٰاسِ) . 4
فالكعبة تقوّم حياة الناس،وتَقوُم حياة الناس بها،وعند الإفاضة يأمر الله تعالى عباده أن لا ينفرد بعضهم عن بعض في الإفاضة،وإنما يفيض كل منهم من حيث أفاض الناس: (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفٰاضَ النّٰاسُ وَ اسْتَغْفِرُوا اللّٰهَ) . 5إذن حضور جمهور الناس حول البيت،وتواجدهم في الموسم،وانصهار الفرد في البيت والحرم في وسط جمهور الناس،شيء أساس في الحج،في طريق حركة الإنسان،في هذه الرحلة الإبراهيمية،إلى الله تعالى.