17هذا الخط التربوي،ففي الميقات يتعرّض الإنسان لتصفية واسعة في (الأنا) و(الهوى)،يمتص منها سلطان الأنا والهوى،ثم يسمح له بالدخول في رحاب ضيافة الله تعالى،بعد أن يجرده من هذه النزعة الحيوانية التي تطغى على تصرفاته وتحكم إرادته وفعله.
و الهوى عندما يحكم الإنسان يتحول إلى مصدر للشرّ في علاقات الإنسان وحياته الاجتماعية،يسلب الأمن والسلام من حياة الناس،فليس ما بين الناس من خلاف،وصراع،وصدام،مصدره الاختلاف في الرأي غالباً،وإنما يعود السبب في نسبة كبيرة وواسعة من هذه الخلافات إلى عامل الهوى في العلاقات الاجتماعية.
و للإمام الخميني1 كلمة ذات دلالة عميقة فيما نقول؛يقول1:(لو أنّ مائة وأربعة وعشرين ألف نبي عاشوا في مكان واحد،لما اختلفوا فيما بينهم،لأنه لا سلطان للهوى في نفوسهم).
فالميقات نقطة تحول وانقلاب في حياة الإنسان وأهم ما في هذا الانقلاب هو العبور من (الأنا) و (الهوى) وخصالهما في حياة الإنسان،فإذا تجرد عن ذلك،كان مؤهلاً للدخول في رحاب ضيافة الله في الحج،ومن عجب أنّ المذاهب الفكرية المادية تؤكد عكس ذلك،على تعزيز الأنا وتثبيته، واعتماد عنصر الاعتداد بالنفس وتنمية حالة الغرور والعجب،بخلاف الإسلام الذي يضع منهجه التربوي على أصل مكافحة سلطان الأنا،وإضعافه، وتحجيمه،وتحويل الإنسان من محور سلطان الأنا إلى محور عبودية الله تعالى،وسلطانه في حياته،ويدعو الإنسان إلى التحلّل من هذا المحور، والارتباط بالمحور الرباني والانصهار فيه (قُلْ إِنَّ صَلاٰتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيٰايَ وَ مَمٰاتِي