16واُورد على الاستدلال به أولاً: بكونه أخص من المدَّعىٰ، فإن مفاده نذرها في مالها، أما في غيره مما يتعلق بها كالاُمور العبادية ونحوها فلا دلالة له، وإسراء الحكم إليها لا يجوز إلا بالقياس الذي ليس في مذهبنا.
وثانياً: باشتماله بما لا قائل به من الأصحاب وهو عدم جواز عتقها وصدقتها وهبتها وتدبيرها من مالها، فليست هي ممنوعة من التصرف في مالها دون إذن زوجها، فلابد من حمل الصحيحة على التعاليم الأخلاقية.
اُجيب عنه: باشتمال النص على ما لم يعمل بظاهره لا يوجب سقوطه عن الحجية في غيره، وقد وقع مثله في كثير من النصوص.
وفيه: أنّ هذا صحيح إذا كان هناك جمل متعددة، وأما إذا كان جميع الفقرات بياناً وصغرياتٍ لكبرى وجملةً واحدة فلا يمكن التفكيك بينها بترك بعضها وحملها على بيان التعليم الأخلاقي، والاحتجاج ببعضها الآخر وحملها على بيان الحكم الوضعي والصحة والفساد.
فإن قلت: فما تقول في قوله عليه السلام: «اغتسل للجمعة والجنابة» مع أنهم أفتوا باستحباب غسل الجمعة ووجوب غسل الجنابة؟
قلت: الأمر فيه استعمل لمطلق التحريك والبعث وطلب الفعل، واستحباب غسل الجمعة ووجوب غسل الجنابة يستفاد من دليل آخر من العقل أو النقل، وظهور الأمر في الوجوب إنما يكون إذا لم تكن قرينة في البين، وهي هنا عدم وجوب غسل الجمعة، ولكن هذه القرينة لا تجعل الأمر ظاهراً في الاستحباب حتى ينافي وجوب غسل الجنابة، بل يمنع عن ظهوره في أزيد من مفاده وهو مطلوبية الفعل، فلا ينافي استفادة استحباب غسل الجمعة من دليله ووجوب غسل الجنابة أيضاً من دليله.