44ركعتين خلف مقام ابراهيم، ثم عاد الى الحجر فاستلمه، وقد كان استلمه في أوّل طوافه.
ثم قال:
إِنَّ الصَّفٰا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعٰائِرِ اللّٰهِ ، فابدأ بما بدأ اللّٰه عزّوجلّ به. وإنّ المسلمين كانوا يظنّون أنّ السعي بين الصّفا والمروة شيء صنعه المشركون، فأنزل اللّٰه عزّوجلّ: «إِنَّ الصَّفٰا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعٰائِرِ اللّٰهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاٰ جُنٰاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمٰا » ثم أتى الصفا فصعد عليه واستقبل الركن اليماني فحمد اللّٰه وأثنىٰ عليه، ودعا مقدار ما يقرأ سورة البقرة مترسّلاً، ثم انحدر الى المروة حتىٰ فرغ من سعيه.
فلمّا فرغ من سعيه وهو على المروة اقبل على النّاس بوجهه فحمد اللّٰه وأثنىٰ عليه، ثم قال: إنّ هذا جبرئيل عليه السلام وأومىٰ بيده الىٰ خلفه يأمرني ان آمر من لم يسق منكم هدياً أن يحلّ، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لصنعت مثل ما امرتكم، ولكنّي سقت الهديَ ولا ينبغي لسائق الهديِ أن يحلّ حتىٰ يبلغ الهديُ محلّه. قال:
فقال رجل من القوم: لنخرجنّ حجّاجاً وشعورنا تقطر. فقال له رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم : أمّا إنّك لن تؤمن بهذا أبداً. فقال له سراقة بن مالك بن جعشم الكناني: يا رسول اللّٰه علّمنا ديننا كأنّا خلقنا اليوم، فهذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أو لما يستقبل؟ فقال له رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم : بل هو للأبد الىٰ يوم القيامة، ثم شبك أصابعه، وقال: دخلت العمرة في الحج هكذا الىٰ يوم القيامة 1.
اقول: اكتفينا بهذا المقدار من الحديث في هذا المقام، ومَن أراد كلّه فليرجع الى التهذيب وساير المآخذ المعتبرة، ونحن نذكر باقي افعاله في المقامات المناسبة.
ويقرب مما ذكرنا من حديث حجّ النبي صلى الله عليه و آله و سلم ما ذكره البخاري في صحيحه بعبارات متعددة في المجلد الأول، في الجزء الثاني ص174 في ستة ابواب فراجع.
وإذا عرفت ذلك فلنرجع الىٰ ما وعدنا به من بيان واجبات العمرة.