4شهدت فيه البشرية جمعاء ضياعاً ملحوظاً في جميع قيمها و معتقداتها،و خلطاً و تزييفاً مدروساً في مجمل عقائدها و مرتكزات أفكارها،كرس بالتالي مسارها المبتعد عن الخط السماوي و مناهجه السوية،و أنّ أي استعراض لمجمل القيم السائدة آنذاكو التي كانت تشكل المعيار الأساسي و المفصل المهم الذي تستند إليه مجموع السلوكيات الفردية و الجماعية و تشذَّب من خلالهيكشف عن عمق المأساة التي كانت تعيشها تلك الأُمم في تلك الأزمنة الغابرة.
فمراكز التشريع الحاكمة آنذاكو التي تعتبر في تصور العوام و فهمهم مصدر القرار العرفي و الشرعي المدير لشئون الناس و المتحكم بمصايرهم و مسار تفكيرهمتنحصر في ثلاث مراكز معلومة أركانها الأساسية:اليهود بما يمتلكونه من طرح عقائدي و فكري يستند إلى ثروات طائلة كبيرة،و الصليبيون بما يشكلونه من قوة مادية ضخمة تمتد مفاصلها و مراكزها إلى أبعد النقاط و الحدود،و أصحاب الثورة و الجاه من المتنفِّذين و المتحمين في مصائر الناس.
و من هنا فإنّ كل الضوابط الأخلاقية و المبادئ العرفية و العلاقات الروحية و الاجتماعية كانت تخضع لتشذيب تلك المراكز و توجيهها بما يتلائم و توجهاتها التي لا تحدها أي حدود.
إنّ هذه المراكز الفاسدة كانت تعمل جاهدة لأنَّ تسلخ الإنسان من كيانه العظيم الذي أراده اللّٰه تعالى له،و دفعه عن دوره الكبير الذي خلق من أجله عند ما قال تعالى للملائكة: (إِنِّي جٰاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) بل تعمل جاهدة لأن تحجب تماماً رؤية هذه الحقيقة العظيمة عن ناظر الإنسان