3
التقديم:
لا يأتي المرء بجديد إذا ذهب إلى القول بأنّ الحقبة الزمنية التي شهدت البعثة المباركة لخاتم الأنبياء محمد(صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم) و سنوات عمره المعطاءة القصيرة كانت تشكل بحد ذاتها انعطافاً رهيباً و تحولاً كبيراً في حياة البشرية،في وقت شهد فيه الخط البياني الدال على مدى الابتعاد المتسارع عن المنهج السماوي و شرائعه المقدسة انحداراً عميقاً و تردياً ملحوظاً أصبح من العسير على أحد تحديد مدى انتهائه و حدود أبعاده.
بلى،انّ مجرد الاستقراء المتعجّل لأبعاد التحول الفكري و العقائدي في حياة البشرية عقيب قيام هذه الدعوة السماوية في أرض الجزيرة- المسترخية على رمال الوهم و الخداع وسيل الدم المتدافعيكشف و بلا تطرّف و محاباة عظم ذلك التأثير الإيجابي الذي يمكن تحديد مساره من خلال رؤية التحول المعاكس في كيفية التعامل اليومي مع أحداث الحياة و تطوراتها،و بالتالي في فهم الصورة الحقيقية لغاية خلق الإنسان و دوره في بناء الحياة.
كما أنّ هذه الحقائق المجسّدة تكشف بالتالي عن عظم الجهد الذي بذله صاحب الرسالة(صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم) في تحقيق هذا الأمر و تثبيت أركانه،في وقت