73و المكاشفة من الملأ الأعلىٰ،أو مَن يجري الصَّواب علىٰ لسانه بلا قصد،أو تكلّمه الملائكة بلا نبوَّة،أو مَن إذا رأىٰ رأياً أو ظنَّ ظنّاً أصاب كأنَّه حُدِّث به،و أُلقي في روعه من عالم الملكوت فيظهر علىٰ نحو ما وقع له،و هذه كرامةٌ يكرم اللّٰه بها مَن شاء من صالح عباده، و هذه منزلةٌ جليلةٌ من منازل الأولياء.
«فإن يكن من أُمَّتي منهم أحدٌ فإنّه عمر»،كأنَّه جعله في انقطاع قرينة في ذلك كأنَّه نبيّ،فلذلك أتى بلفظ«إن»بصورة الترديد.قال القاضي:و نظير هذا التعليق في الدلالة علىٰ التأكيد و الاختصاص قولك:إن كان لي صديقٌ فهو زيد،فإنّ قائله لا يريد به الشكَّ في صداقته،بل المبالغة في أنَّ الصداقة مختصَّة به لا تتخطّاه إلىٰ غيره.
و قال القرطبي:قوله«فإن يكن»دليلٌ علىٰ قلّة وقوعه و ندرته، و على أنَّه ليس المراد بالمحدَّثين المصيبون فيما يظنّون،لأنَّه كثيرٌ في العلماء،بل و في العوام مَن يقوىٰ حدسه فتصحُّ إصابته فترتفع خصوصيَّة الخبر و خصوصيَّة عمر،و معنى الخبر قد تحقّق و وجد في عمر قطعاً و إن كان النبيُّ صلى الله عليه و آله لم يجزم بالوقوع،و قد دلَّ علىٰ وقوعه لعمر أشياء كثيرة كقصَّة:الجبل يا سارية! الجبل.و غيره، و أصحّ ما يدلَّ علىٰ ذلك شهادة النبيّ صلى الله عليه و آله له بذلك حيث قال:«إنّ اللّٰه جعل الحقَّ علىٰ لسان عمر و قلبه» 1.