286كأنّ المراد به ما هو المتعارف و المعدّ للصّلاة الآن، إذ الحقيقيّ لا يصلّى فيه، و يدلّ عليه بعض الأخبار أيضا، أو جملة الحرم، فيكون «من» للتّبعيض و يكون المراد البعض المخصوص، و هو المقام الآن، فيفهم وجوب صلاة و كونها في المقام و هي ركعتا الطّواف فيه، إذ لا وجوب لغيرهما، و يدلّ عليه الإجماع و الأخبار أيضا.
و إيجاب تطهير البيت على إبراهيم و إسماعيل للطّائفين حوله، أو المتردّدين و للعاكفين المقيمين أو المعتكفين بالمعنى المتعارف للاعتكاف، و للمصلّين، من الأصنام و الأنجاس كما قالوا، و فهم بعض الأصحاب منه وجوب إزالة النّجاسة عن المساجد كلّها متعدّية و غيرها، و كذا من قوله تعالى «إِنَّمَا اَلْمُشْرِكُونَ 1» الآية و من وجوب تعظيم شعائر اللّه، و من قوله عليه السّلام: «جنّبوا مساجدكم النّجاسة 2» و فهمه مشكل، لأنّ وجوب الإزالة عليهما من البيت على تقدير تسليم شمول التّطهير للنّجاسة فإنّ احتمال تطهيره من الأصنام بكسرها و إلقائها احتمال راجح و مذكور في التّفاسير، لا يستلزم الوجوب على غيرهما من المساجد كلّها، و الأصل يؤيّده و قد مرّ البحث في «إِنَّمَا اَلْمُشْرِكُونَ» و وجوب تعظيم شعائر اللّه بحيث يشمل وجوب الإزالة مطلقا غير مفهوم، و صحّة الخبر بل سنده غير معلوم، و كأنّ وجوب تطهيرها من النّجاسة المتعدّية لا خلاف فيه و لا دليل على غيرها.
الثامنة إِنَّ اَلصَّفٰا وَ اَلْمَرْوَةَ مِنْ شَعٰائِرِ اَللّٰهِ فَمَنْ حَجَّ اَلْبَيْتَ أَوِ اِعْتَمَرَ فَلاٰ جُنٰاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمٰا وَ مَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اَللّٰهَ شٰاكِرٌ عَلِيمٌ 3.
هما كانا جبلين بمكّة قريبين من المسجد الحرام و هما الآن دكّتان معروفتان هناك، و الحجّ هو القصد لغة، و شرعا قصد البيت على الوجه المخصوص المبيّن