287في الفقه، و العمرة لغة الزّيارة، و شرعا زيارته. كذلك أيضا، و الشعائر جمع شعيرة و هي العلامة، أي هما من أعلام مناسك اللّه و متعبّداته، و الجناح هو الميل من الحقّ [إلى الباطل]و الطّواف هو الدّوران حول الشّيء، و ليس هو المقصود هنا بل السّعي بينهما، و قيل: التطوّع هو التبرّع بالنّافلة من الطّوع بمعنى الانقياد و المراد بالشّاكر هنا الّذي يجزي بالشّكر فسمّي من يجازيه شاكرا 1مجازا كالتوّاب لقابلها، فانّ ثناء اللّه و إثابته عبده على الطّاعة يشبه الشّكر، و يعمل معاملة الشّاكر، فكأنّه شاكر. و أصل يطّوّف يتطوّف، قلبت التّاء طاء و أدغمت و نصب خيرا إمّا لأنّه صفة مصدر محذوف أي تطوّعا خيرا أو لأنّه قائم مقام المصدر المضاف إليه أي تطوّع خير فحذف المضاف و أقيم هو مقامه و أعرب بإعرابه أو مفعول تطوّع، فإنّه يتضمّن معنى الفعل، و إعراب الباقي ظاهر.
و المعنى أنّهما من معالم عباداتكم فالّذي يحجّ أو يعتمر فلا حرج و لا ميل من الحقّ إلى الباطل لو سعى بينهما على الطّريقة المنقولة من الشّارع، و من أتى بخير زائد على ما وجب عليه من الحجّ و العمرة أو الأعمّ فإنّ اللّه يجازيه و لا يضيع سعيه، فإنّه مجاز محسن، و عليم بالنيّات و يفعل الخيرات، فيجازي بهما، و أنّه لا يليق بحاله عدم إثابة من فعل خيرا طمعا لذلك لأنّه كريم.
فيمكن الاستدلال بها على جواز الزّيادة في الطّواف و السّعي على الواجب و الموظّف، بل جميع الخيرات و العبادات حتّى تكرار الصّلاة و الصّيام و الحجّ كما هو العادة في الحياة و بعد الممات فتأمّل، و على كون السّعي بينهما عبادة لأنّه قال «مِنْ شَعٰائِرِ اَللّٰهِ» أي محلّ العبادة، و الّذي يظهر من السّوق أنّ تلك العبادة هي الطّواف و السّعي بينهما، و نفي الحرج و الإثم لا ينافي الوجوب، إلاّ أنّه لا يثبته أيضا و لكنّه ثابت بغيره.
و اختيار هذا اللّفظ المشعر بالإباحة لعدّ المسلمين ذلك كذلك، على ما روي أنّه كان عليهما أصنام في الجاهليّة، و أهلها كانوا يطوفون بهما، و يمسحون تلك