284من ابن إدريس أنّه قال بالتخيير لمن اتّقى النساء مطلقا و الصيد كذلك أي جميع محرّماته مع أنّه ما يعمل إلاّ بالمتواتر، و ما يخرج القرآن المتواتر من عمومه إلاّ بدليل مثله، و كذا عن صاحب مجمع البيان حيث قال فلا إثم عليه لمن اتّقى الصيد إلى انقضاء النفر الأخير و ما بقي من إحرامه، و من لم يتّقه فلا يجوز له النفر الأوّل 1فإنّ الظاهر أنّ الشرط إنّما هو الاتّقاء المتقدّم على النفر الأوّل إلى حصوله لا بعده، و هو ظاهر و لا يدلّ عليه ما في صحيحة معاوية بن عمّار 2قال: ينبغي لمن تعجّل في يومين أن يمسك عن الصيد حتّى ينقضي اليوم الثالث، و يمكن حملها على الاستحباب و يكون ذلك هو مراد مجمع البيان اللّه يعلم.
و «اِتَّقُوا اَللّٰهَ» أي اجتنبوا معاصي اللّه «وَ اِعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ» أي تحقّقوا أنّكم بعد موتكم تجمعون إلى الموضع الّذي يحكم اللّه بينكم، و يجازيكم على أعمالكم، ففيه تحريص و ترغيب و ترهيب و تخويف.
السابعة وَ إِذْ جَعَلْنَا اَلْبَيْتَ مَثٰابَةً لِلنّٰاسِ وَ أَمْناً وَ اِتَّخِذُوا مِنْ مَقٰامِ إِبْرٰاهِيمَ مُصَلًّى وَ عَهِدْنٰا إِلىٰ إِبْرٰاهِيمَ وَ إِسْمٰاعِيلَ أَنْ طَهِّرٰا بَيْتِيَ لِلطّٰائِفِينَ وَ اَلْعٰاكِفِينَ وَ اَلرُّكَّعِ اَلسُّجُودِ 3.
البيت في اللّغة هو المأوى و المنزل. و المراد هنا البيت الحرام أعني الكعبة و المثابة هنا الموضع الّذي يثاب إليه من ثاب يثوب مثابة و مثابا إذا رجع أو موضع الثواب أي يثابون لحجّة و اعتماره كذا قال القاضي و هو صريح في نفي ما ذكره أوّلا من عدم الاستحقاق للثّواب بالعبادة، و ما يدلّ عليه من الآيات كثيرة، فإنّ القرآن العزيز مملوّ به مثل «جزاء بما كنتم تعملون» و قلّما توجد صفحة في المصحف لم يكن فيها ما يدلّ عليه، و كذا الأخبار النبويّة و الإماميّة المتواترة، بل العقل أيضا يدلّ عليه فتأمّل.