233و حينئذ لا تدلّ على وجوبهما أصالة و قبل الشروع.
و العجب من صاحب الكشّاف 1أنّه فسّر أتمّوا الحجّ و العمرة للّه بائتوا بهما تامّين كاملين بمناسكهما و شرائطهما لوجه اللّه من غير توان و لا نقصان، و سلّم أنّ الأمر بإتمامهما أمر بأدائهما بدليل قراءة من قرأ «و أقيموا» مع أنّها غير ظاهرة في ذلك و القراءة غير ثابتة، و سلّم أيضا أنّ الأمر للوجوب، و قال أيضا في آية الوضوء تفسير لفظ واحد بمعنى الوجوب و الندب مثل فاغسلوا إلغاز و تعمية، فلا يجوز و قال: فان قلت: فهل فيه دليل على وجوب العمرة؟ قلت: ما هو إلاّ أمر بإتمامهما و لا دليل في ذلك على كونهما واجبين أو تطوّعين فقد يؤمر بإتمام الواجب و التطوّع جميعا إلاّ أن نقول الأمر بإتمامهما أمر بأدائهما، بدليل قراءة من قرأ «و أقيموا الحجّ و العمرة» و الأمر للوجوب في أصله إلاّ أن يدلّ دليل على خلاف الوجوب كما دلّ في قوله تعالى «فَاصْطٰادُوا» - «فَانْتَشِرُوا» و نحو ذلك فيقال لك: فقد دلّ الدليل على نفي الوجوب و هو ما روي أنّه قيل: يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله العمرة واجبة مثل الحجّ؟ قال:
لا، و لكن أن تعتمر خير لك، و عنه صلى اللّه عليه و آله الحجّ جهاد و العمرة تطوّع و قال و الدليل الّذي ذكرنا أخرج العمرة من صفة الوجوب فبقي الحجّ وحده فيها، فهما بمنزلة قولك: صم شهر رمضان و ستّة من شوّال فإنّك تأمره بفرض و تطوّع.
و أجاب عن معارضتهما بقول ابن عبّاس إنّ العمرة لقرينة الحجّ بأنّ معناه إنّ القارن يقرن بينهما، أو أنّهما تقترنان في الذكر فيقال حجّ فلان و اعتمر، و عن المعارضة بقول عمر لرجل قال: إنّي وجدت الحجّ و العمرة مكتوبين عليّ أهللت بهما جميعا: «هديت لسنّة نبيّك» بأنّ الرّجل فسّر كونهما مكتوبين بقوله أهللت لأنّه ارتكب تفسير الآية أوّلا بغير الظاهر، مع كونه خلاف الخبر الّذي نقله.
و منع حمل اللّفظ على الوجوب و الندب، معا، و قال إنّه إلغاز و تعمية، و ارتكبه هنا مع إمكان حملها على ما لا ينافي بل هو الظاهر كما مرّ، فانّ ظاهرها الأمر بالإتمام بعد الشروع و أشار إليه بقوله: «ما هو إلاّ أمر بإتمامهما» و لا شكّ