50
و مثل ذلك ما إذا حدث عليه دين قهري، كما إذا أتلف مال غيره خطأ و لم يمكنه أداء بدله إذا صرف ما عنده في سبيل الحجّ (1) نعم، الإتلاف العمدي لا يسقط وجوب الحجّ (2) بل يبقى الحجّ في ذمّته مستقرّاً فيجب عليه أداؤه و لو متسكعاً هذا كلّه في تلف الزاد و الرّاحلة، و أمّا تلف ما به الكفاية من ماله في بلده فهو لا يكشف عن عدم الاستطاعة من أوّل الأمر بل يجتزي حينئذ بحجّه و لا يجب عليه الحجّ بعد ذلك (3) .
قد سبق 1أن ذكرنا أنّ الدّين في نفسه لا يمنع عن وجوب الحجّ، و إنّما يمنع عنه إذا كان حالاً و مطالباً به، و هذا من دون فرق بين كون سبب الدّين الاستقراض و نحوه أو إتلاف مال الغير خطأ.
فإنّ الإتلاف العمدي كإتلاف نفس الزاد و الرّاحلة اختياراً بعد حصولهما و وجودهما، فإنّ ذلك لا يمنع عن استقرار الحجّ في ذمّته لفعليّته عليه بعد استكمال شرائطه، فيجب عليه التحفّظ على الاستطاعة فلو أزالها اختياراً يستقر عليه الحجّ و صار ديناً عليه و وجب الإتيان به بأيّ وجه تمكّن.
يعني إذا تلف بعد تمام الأعمال ما به الكفاية من ماله في وطنه يجتزئ بحجّه و لا أثر لتلف ما به الكفاية، و ذلك لأنّا إنّما اعتبرنا الرّجوع إلى الكفاية لنفي الحرج و هو امتناني فلا يجري بعد الإتيان بالأعمال، لأن لازمه الحكم بالفساد و عدم الاجتزاء بما أتى به و لا امتنان في ذلك فلا مانع من الحكم بالصحّة، نظير من اغتسل أو توضأ ثمّ علم بأنّ وضوءه أو غسله كان حرجيّا، فإنّه لا يحكم بالفساد لأنّه على خلاف الامتنان، و نفي الحرج إنّما يجري في موارد الامتنان.