575من أدنى الحل على ما يفهم من ظاهر الأكثر و احتمل بعض الأصحاب الاكتفاء بذلك إذا خشي أن يفوته الحج لصحيحة الحلبي السابقة عند شرح قول المصنف فإن تعذر خرج إلى الحل قال الشهيد الثاني و حيث يتعذر رجوعه مع التعمد يبطل نسكه و يجب عليه قضاؤه و إن لم يكن مستطيعا للنسك بل كان وجوبه بسبب إرادة دخول الحرم فإن ذلك موجب للإحرام فإذا لم يأت به وجب قضاؤه كالمنذور و اعترض عليه بأن القضاء فرض مستأنف فيتوقف على الدليل و هو منتف هنا و هو جيّد و اختار المصنف في المنتهى سقوط القضاء استنادا إلى الأصل و أن الإحرام مشروع لتحية البقعة فإذا لم يأت به سقط كتحية المسجد و في التذكرة لو تجاوز الميقات و رجع و لم يدخل الحرم فلا قضاء عليه بغير خلاف نعلمه سواء أراد النسك أو لم يزد
و لو نسي الإحرام أصلا و قضى المناسك أجزأ على رأي
اختاره الشيخ في النهاية و المبسوط و جمع من الأصحاب و ذهب ابن إدريس إلى عدم الإجزاء حجة الأول وجوه الأول أنه فات نسيانا فلا يفسد به الحج كما لو نسي الطواف و يرد عليه إن تركه نسيانا يقتضي عدم الخروج عن العهدة إلا أن يثبت بدليل صحة الحج بدونه و حمله على الطواف قياس لا نعمل به الثاني قوله ع رفع عن أمتي الخطأ و النسيان و يرد عليه أن مقتضاه نفي العقاب و المؤاخذة عليه و هو غير المدعى الثالث أن مع استمرار النسيان يكون مأمورا بإيقاع بقية الأركان و الأمر يقتضي الإجزاء و يرد عليه أن الأمر يقتضي إجزاء ما وقع التكليف به لا مطلقا الرابع ما رواه الشيخ عن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى ع قال سألته عن رجل كان متمتعا خرج إلى عرفات و جهل أن يحرم يوم التروية بالحج حتى يرجع إلى بلده ما حاله قال إذا قضى المناسك كلها فقد تم حجه و يرد عليه أن مورد الحكم الجهل و هو غير المدعى و دعوى الأولوية ممنوعة على أن الرواية مخصوصة بإحرام الحج فلا يعم العمرة الخامس ما رواه الشيخ عن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى ع قال سألته عن رجل نسي الإحرام بالحج فذكره و هو بعرفات ما حاله قال يقول اللّٰهمّ على كتابك و سنة نبيك فقد تم إحرامه فإن جهل أن يحرم يوم التروية بالحج حتى يرجع إلى بلده إن كان قضى مناسكه كلها فقد تم حجه و يرد عليه أن الجزء الأول من الخبر مخصوص بالتذكر في عرفات و الجزء الأخير مختص بالجهل و لا يعم النسيان السادس مرسلة جميل بن دراج السابقة عند شرح قول المصنف و كذا الناسي و هو واضح في المدعى و لعل المراد بقوله إذا كان قد نوى ذلك أنه نوى الحج بجميع أجزائه مجملا لا نية الإحرام لأن نيته من الجاهل به غير معقول و ظاهر الشيخ في النهاية المتقدم على وقت الإحرام ففي إسناده إرسال ربما اقتضى التوقف في الحكم فالمسألة لا يخلو عن إشكال و بما ذكرنا يمكن استفادة الحجة لقول ابن إدريس و حكي عنه أنه استدل على قوله بقوله ع إنما الأعمال بالنيات قال المحقق و لست أدري كيف تخيل هذا الاستدلال و لا كيف توجيهه فإن كان يقول إن الإخلال بالإحرام إخلال بالنية مع بقية المناسك فنحن نتكلم على تقدير إيقاع نية كل منسك على وجهه ظانا أنه أحرم أو جاهلا بالإحرام فالنية حاصلة مع إيقاع كل منسك فلا وجه لما قاله و وجه الشهيد كلام ابن إدريس بأن مراده أن فقد نية الإحرام يجعل باقي الأفعال في حكم المعدوم لعدم صحة نيتها محلا فيبطل إذ العمل بغير نية باطل و فيه تكلف و في المنتهى أن ابن إدريس توهم فإن الشيخ اجتزأ بالنية عن الفعل فيوهم أنه اجتزأ بالفعل بغير نية و اختلف عبارات الأصحاب في ماهية الإحرام على أقوال ثلاثة الأول أنه مركب من النية و التلبية و لبس الثوبين ذكره المصنف في المختلف الثاني أنه عبارة عن النية و التلبية حكاه الشهيد عن ابن إدريس الثالث أنه النية حكاه الشهيد عن ظاهر المبسوط و الجمل قال الشهيد و قد كنت ذكرت في رسالة أن الإحرام هو توطين النفس على ترك المنهيات المعهودة إلى أن يأتي بالمناسك و التلبية هي الرابطة لذلك التوطين لنسبتها إليه كنسبة التحريمة إلى الصلاة و أطال الكلام في ذلك و قال في آخره فعلى هذا يتحقق نسيان الإحرام بنسيان النية و نسيان التلبية و ذكر الشيخ على أن المنسي إن كان نية الإحرام لم يجز و إن كان المنسي التلبيات أجزأ
و المواقيت ستة
و ذكر الشهيد في الدروس أنها عشرة السّتة التي ذكرها المصنف و مكة لحج التمتع و محاذاة الميقات لمن لم يمر به و حاذاه و أدنى الحل أو مساواة أقرب المواقيت إلى مكة لمن لم يحاذ ميقاتا و فخ لإحرام الصبيان و لا أعلم خلافا بين الأصحاب في أن المواقيت السّتة التي ذكرها المصنف و منصوصة من قبل الرسول ص و قد دلّ عليه أخبار كثيرة منها حسنة معاوية بن عمار السابقة في أوائل بحث المواقيت و منها ما رواه الكليني و الشيخ عنه عن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال قال أبو عبد اللّٰه ع الإحرام من مواقيت خمسة وقتها رسول اللّٰه ص لا ينبغي لحاج و لا لمعتمر أن يحرم قبلها و لا بعدها وقت لأهل المدينة ذا الحليفة و هو مسجد الشجرة يصلي فيه و يفرض الحج و وقت لأهل الشام الجحفة و وقت لأهل نجد العقيق و وقت لأهل الطائف قرن المنازل و وقت لأهل اليمن يلملم و لا ينبغي لأحد أن يرغب عن مواقيت رسول اللّٰه ص و عن أبي أيوب الخراز قال قلت لأبي عبد اللّٰه ع حدثني عن العقيق أ وقت وقته رسول اللّٰه ص و عن أبي أيوب الخراز أو شيء صنعه الناس فقال إن رسول اللّٰه ص وقت لأهل المدينة ذا الحليفة و وقت لأهل المغرب الجحفة و هي عندنا مكتوبة مهيعة و وقت لأهل اليمن يلملم و وقت لأهل الطائف قرن المنازل و وقت لأهل نجد العقيق و ما أنجدت و هذه الرواية جعلها صاحب المنتقى من الصحيح و الأولى عندي جعلها من الحسان لأن في طريقه داود بن نعمان و هو ممدوح و ليس في شأنه توثيق إلا في الخلاصة و عندي في الاكتفاء بمجرّد ذلك تأمّل و لعل نظر المصنف في توثيقه على قول النجاشي إنه أعلى من أخيه مع كونه ثقة و الظاهر أن المراد العلوّ في الطبقة و الإسناد فلا يفيد التوثيق و على أي تقدير فالخبر معتبر و ما رواه ابن بابويه عن عبيد اللّٰه ابن عليّ الحلبي في الصحيح عن أبي عبد اللّٰه ع قال الإحرام من مواقيت خمسة وقتها رسول اللّٰه ص لا ينبغي لحاج و لا معتمر أن يحرم قبلها و لا بعدها وقت لأهل المدينة ذا الحليفة و هو مسجد الشجرة كان يصلي فيه و يفرض الحج فإذا خرج من المسجد و سار و استوت به البيداء حين يحاذي الميل الأول أحرم و وقت لأهل الشام الجحفة و وقت لأهل النجد العقيق و وقت لأهل الطائف قرن المنازل و وقت لأهل اليمن يلملم و لا ينبغي لأحد أن يرغب عن مواقيت رسول اللّٰه ص قال الصدوق و في رواية رفاعة بن موسى عن أبي عبد اللّٰه ع قال وقت رسول اللّٰه ص العقيق لأهل نجد و قال هو وقت لما أنجدت الأرض و أنت منهم و وقت لأهل الشام الجحفة و يقال لها المهيعة و السند صحيح و ما رواه الشيخ عن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى بن جعفر ع قال سألته عن إحرام أهل الكوفة و أهل خراسان و ما يليهم و أهل الشام و مصر من أين هو قال أما أهل الكوفة و خراسان و ما يليهم من العقيق و أهل المدينة من ذي الحليفة و الجحفة و أهل الشام و مصر من الجحفة و أهل اليمن من يلملم و أهل السند من البصرة يعني من ميقات أهل البصرة و عن عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّٰه ع قال وقت رسول اللّٰه ص لأهل المشرق العقيق نحوا من بريدين ما بين بريد البعث إلى عمرة و وقت لأهل المدينة ذا الحليفة و لأهل نجد قرن المنازل و لأهل الشام الجحفة و لأهل اليمن يلملم و في إسناد هذا الخبر نوع خلل و
لأهل العراق العقيق
للأخبار السابقة و روى الكليني عن صفوان بن يحيى في الصحيح عن أبي الحسن الرضا ع قال كتبت إليه أن بعض مواليك بالبصرة يحرمون ببطن العقيق و ليس بذلك الموضع ماء و لا منزل و عليهم في ذلك مئونة شديدة و يعجلهم أصحابهم و جمالهم من وراء بطن العقيق بخمسة عشر ميلا منزل فيه ماء و هو منزلهم الذي ينزلون فيه فترى أن يحرموا من موضع الماء لرفقته بهم و خفته عليهم فكتب أن رسول اللّٰه ص وقت المواقيت لأهلها و من أتى عليها من غير أهلها و فيها رخصة لمن كانت به علة فلا يجاوز الميقات إلا من علة
و أفضله
أي العقيق
المسلخ و أوسطه غمرة و آخره ذات عرق
ذكر بعض الأصحاب أنه لم يقف في ضبط المسلخ و ذات عرق على شيء يعتد به و في التنقيح أن المسلح بالسين و الحاء المهملتين واحد المسالح و هو المواضع العالية و عن بعض الفقهاء أنه ضبط المسلح بالخاء المعجمة من السلخ و هو النزع سمي بذلك لأنه ينزع فيه الثياب للإحرام و أما ذات عرق ففي القاموس أنها بالبادية ميقات العراقيين و قيل إنها كانت قرية فخربت و نقل في المنتهى عن سعيد بن جبير أنه رأى رجلا يريد أن يحرم بذات عرق فأخذ يده حتى أخرجه من البيوت و قطع به الوادي فأتى به المقام ثم قال هذه ذات عرق الأولى و اعلم أن المشهور أن العقيق كله ميقات يجوز الإحرام من سائر جهاته و أن الأفضل الإحرام من المسلح ثم غمرة ثم ذات عرق و حكى الشهيد عن ظاهر علي بن بابويه و الشيخ في النهاية أن التأخير إلى ذات عرق للتقية و المرض و قال الصدوق و إذا كان الرجل عليلا و اتقى فلا بأس أن يؤخر الإحرام إلى ذات عرق حجة الأول ما رواه ابن بابويه مرسلا عن الصادق ع أنه قال